للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنهم: المساجد بيوت الله وأنَّه حق على الله أن يكرم من زاره فيها، ثم إن الله تعالى يقول: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا … ] (١) التخريب كما يكون بالهدم يكون بمنع المصلين والمتعبدين من دخولها.

إذا عرفت هذا تعلم أن من البدع التى لاشك في حرمتها غلق كثير من المساجد في كل الأوقات ما عدا أول الوقت، فربما أدى ذلك إلى تضييع الصلاة فقد لا يتيسر له المبادرة إليها أول الوقت، ولا خفاء أن هذا صد عن سبيل الله تعالى وسعى في خرابها ومنع عن زيارة الله تعالى في بيوته.

بنى أهل البر والإحسان المساجد للعبادة في كل الأوقات، وللاعتكاف، ولانتظار الصلاة وغير ذلك. فما الضرورة التى تبيح غلقها في وجوه المتعبدين؟ وأىّ ضرر لحق المساجد المفتوحة على الدوام مع كثرة الواردين عليها (نعم) يباح غلقها في غير أول الوقت لخوف امتهانها بنحو دخول الأطفال والبهائم فيها وفعل الفسق أو خشية ضياع آلاتها بشرط أن لا تدعو حاجة إلى فتحها كتعليم العلم أو وجود معتكف فيها يتضرر بغلقها وإلَّا حرم غلقها وإن خيف الامتهان أو الضياع (نعم) إذا تيقن أحد الأمرين جاز الغلق، فإن دَرْءَ المفاسد مقدم على جلب المصالح.

قد نشأ من ذلك بدعة أخرى مذمومة، وهى ما اعتاده الخدمة من طرد المصلين أو طلاب العلم عقب صلاة العشاء يصيحون جميعًا بأصوات منكرة لأجل ذلك، ومن كان في صلاة حملوه على الإسراع فيها وبذلك يقع التهويش على المتعبدين وصدهم عن سبيل الله. وقد كانت السنة فتح المساجد مطلقًا في كل الأوقات؛ لأن ذلك هو المأثور عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في زمنه وزمن الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أجمعين.

ومن بدع المساجد الدائر أمرها بين الكراهة والحرمة ما يسمى بالتبرير، وهو تلاوة المؤذنين على نحو المنارات بأصوات مرتفعة عند موت عالم آيات من سورة

{هَلْ أَتَى} أولها {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} (٢).


(١) [سورة البقرة: الآية ١١٤].
(٢) [سورة الإنسان: الآية ٥].

<<  <   >  >>