لهم بالخير. وأظهر هذه الاحتمالات الثلاثة في اللام وأصحها الاحتمال الأول كما تدل عليه الفاء الداخلة علي ما رآه المسلمون، والاحتمالان الأخيران يتجهان إذا كان الحديث بدون الفاء أو كان مع الواو كما هو المشهور الجارى على ألسنتهم،
وإذ ليس فليس. وقد نسب جماعة هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا:" قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن " منهم الإمام الرازى في "التفسير الكبير" والعينى في " شرح الهداية " وغيره من شراحها، لكن قال ابن نجيم في "الأشباه والنظائر"، قال العلائي: لم أجده مرفوعًا في شيء من كتب الحديث أصلًا ولا بسند ضعيف بعد طول البحث وكثرة الكشف والسؤال وإنما هو من قول ابن مسعود موقوف عليه. انتهى بتصرف.
ومما نقلناه لك على هذا الأثر تعرف أن تمسك أنصار البدع به ليس كما ينبغى لأنَّه أثر موقوف على ابن مسعود وقد اختلفوا في العمل بقول الصحابى، وعلى فرض العمل به فالمراد منه ما أجمعوا على حسنه إما من جميع المسلمين أو من خصوص الصحابة كما علمت مما تقدم.
واعتادوا أيضًا أن يستدلوا على عدم كراهة ما ألفوه من البدع بقول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:"تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور ". فأجاز إحداث الأقضية واختراعها بقدر اختراع الفجار للفجور وإن لم يكن لها أصل.
وجوابه: أن هذا القول لم يثبت عنه من طريق صحيح وإن سلم فراجع لأصل المصالح المرسلة والبدع مباينة لها كما عرفت أفاده في " الاعتصام ".
الفصل السادس في أحْكام البِدْعَة
أعلم أن أحكامها تختلف باختلاف الطريقتين في معنى البدعة. (أما) على رأى من يرى أن كل بدعة مذمومة؛ لأنها إما زيادة في الدين أو نقص منه أو تغيير لشيء من مراسمه فظاهر أنها بريئة من معنى الوجوب والندب والإباحة، وكذا ليس لها حظ من معنى الكراهة التنزيهية، فهى دائمًا منهى عنها نهى تحريم وتكون معصية حيثما وقعت، فإن