للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن أبى قتادة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال: "يكفر السنة الماضية".

* * *

ما يَقَع مِنَ النَّاسِ في يوم عَاشُورَاء

ومع وضوح هذه السنة وصحة نسبتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقع من الناس في هذا اليوم كثير من البدع، منها ما لا أصل له، ومنها ما ينبنى على أحاديث موضوعة أو ضعيفة. (فمن ذلك) اعتبارهم له عيدًا كالأعياد المرسومة للمسلمين بالتوسعة واتخاذ الأطعمة الخاصة به، وهذا من تلبيس الشيطان على العامة، فقد ثبت أن يهود خيبر هم الذين اتخذوه عيدًا وكانت تصومه، روى مسلم من حديث أبى موسى رضي الله عنه قال: "كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيدًا (١) ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم" بالشين المعجمة بلا همز وهى الهيئة الحسنة والجمال: أي يلبسونهم لباسهم الحسن الجميل، فأمرنا الشارع الحكيم بمخالفة يهود خيبر فيه بصوم يوم قبله أو بعده، قال الإمام الشافعى رحمه الله: أخبرنا سفيان أنه سمع عبد الله بن أبى زيد يقول: سمعت ابن عباس رضى الله عنهما يقول: "صوموا التاسع والعاشر ولا تشبهوا باليهود": أي في إفراد العاشر بالصوم، واتخاذه عيدًا، وفى رواية له عنه: "صوموا يوم، عاشوراء وخالفوا اليهود وصوموا قبله يومًا أو بعده يومًا". لذا قال في "الأم" "الإملاء": باستحباب صوم الثلاثة، ولم يشرع فيه توسعة في مطعم ولا غيره لهذه المخالفة، وحديث التوسعة لا أصل له كما سيأتى.

(ومن ذلك) الاغتسال والاكتحال، وما روى في الترغيب فيهما لم يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كحديث ابن عباس رفعه: "من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدًا" وهو موضوع وضعه قتلة الحسين رضي الله عنه، قال الإمام أحمد رحمه الله: والاكتحال يوم عاشوراء لم يرد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه أثر وهو بدعة، وما روى من أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اغتسل وتطهر يوم عاشوراء لم يمرض في سنته إلا مرض الموت" وضعه أيضًا قتلة الحسين رضي الله عنه.


(١) يجوز أن يكون من تعظيمه عندهم صومه كما هو صريح هذه الرواية فإن العيد لا يصام.

<<  <   >  >>