للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبدعة التى يعد بها صاحبها من أهل الأهواء، ما اشتهر عند أهل العلم بالسنة: مخالفتها للكتاب والسنة، كبدعة الخوارج، والروافض، والقدرية، والمرجئة، والمشبهة، والمجسمة. والخوارج: هما الذين خرجوا على الإمام على رضى الله عنه كفروه عند التحكيم، ومنهم من يقول: مرتكب الكبيرة كافر، وهم الذين قال فيهم رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: "سيخرج قوم في آخر الزمان

أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقتلون أهل الإسلام ويَدَعُون أهل الأوثان يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة" متفق عليه، والروافض: طائفة من الشيعة لا تقر بالولاية إلَّا لعلى رضي الله عنه، ومن الشيعة زيدية تقول بالولاية لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقط تبعًا لرئيسهم زيد بن على زين العابدين حيث قال: "رجلان وليا فعدلَا". والقدرية: فرقة تقول: إن أفعال العباد مخلوقة لهم من دون الله تعالى، والمرجئة: فرقة تقول: لا يضر مع الإيمان معصية فهم يعطلون الرجاء، والمشبهة: قوم شبهوا الله تعالى بالمخلوقات، ومثلوه بالحوادث، والمجسمة: غلاتهم المصرون على التجسيم الصرف، وأما غير غلاتهم فهم مشبهة الحشوية فقالوا: هو جسم لا كالأجساء من لحم ودم لا كاللحوم، وله الأعضاء والجوارح، وقد تقدم معظم هذا، ومن استقرأ أهل البدع من المتكلمين أو أكثرهم وجدهم من سبايا الأم ومن ليس له أصالة في اللسان العربى ففهموا كتاب الله على غير وجهه.

(وأما أحكامها على الطريقة الثانية) من حيث الجملة، أي بالنظر إلى كونها بدعة قطع النظر عما يتقضاها، فالكراهة بمعنى أن الحكم المتقرر لهما بحسب ذاتها والثابت لها من حيث أصلها بقطع النظر عن عوارضها هو الكراهة، فإن الخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع؛ ولبعض السلف الصالح وهو أبو العباس الإبيانى من أهل الأندلس ثلاث لو كتبن في ظفر لوسعهن وفيهن خير الدنيا والآخرة: اتبع لا تبتدع، اتضع لا ترتفع، من تورع لا يتسع.

وأما من حيث التفصيل وباعتبار خصوصية كل بدعة، فقد علمت أنها على هذه الطريقة يعرض لها أقسام الحكم الشرعى، فأى شيء تناولها من

<<  <   >  >>