على فعل ما يخالف الشرع، ويقال: احتسب على فلان كذا، أي أنكره، ومنه محتسب البلد. اهـ.
واعلم أن من المصالح الواجبة على الإمام أن يولى محتسبًا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بحيث يكون حرًّا عدلًا ذا رأى وصرامة وخشونة في الدين وعلم بالمنكرات الظاهرة وإن لم يكن مجتهدًا، ولهذا المحتسب من الوظائف ما ليس للولاة والقضاة وآحاد الناس، وإن كان الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يصحان من كل
مسلم ويجبان عليه، قال ابن حبيب الماوردى: الفرق بين التطوع بالأمر والنهى والمحتسب من وجوه كثيرة:
(منها): أن فرضه متعين على المحتسب بحكم الولاية وفرضه على غيره داخل في فروض الكفاية.
(ومنها): أن عليه أن يبحث عن المنكرات الظاهرة ليصل إلى إنكارها ويبحث عما ترك من المعروف الظاهر ليأمر بإقامته، وليس على المتطوع بحث ولا فحص.
(ومنها): أنه منصوب للاستعداء إليه فيما يجب إنكاره وليس المتطوع منصوبًا للاستعداء، فعلى المحتسب إجابة من استعداه وليس على المتطوع إجابته، والاستعداء: الاستعانة يقال: استعديت الأمير على فلان فأعدانى، أي استعنت به عليه فأعاننى والاسم منه العدوى وهى المعونة.
(ومنها): أن له أن يتناول كفايته على الحسبة من بيت المال، ولا يجوز للمتطوع أن يرتزق على إنكار منكر. اهـ بتصرف.
وينبغى لمن يتصدى للإرشاد أن يقف على مبحث الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ليكون على بصيرة في سيره، فنقول على وجه الإجمال: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، والمهم الذى بعث الله له النبيين أجمعين، ولو أهمل لاضمحلت الديانة وفشت الضلالة وعم الفساد وهلك العباد. وقد دل على وجوبه الكتاب والسنة وعليه انعقد الإجماع، قال الله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(١). دلت هذه الآية الكريمة على أنه يجب على المسلمين أن تقوم منهم طائفة بوظيفة الدعوة إلى الخير والأمر بالعروف والنهى عن المنكر حفظًا للشريعة وصونًا