للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصيام قائمًا لا يقعد، ساكتًا لا يتكلم، ضاحيًا لا يستظل، والتقرب إلى الله تعالى بالرهبانية.

والمحدثات التى يتناولها نهى الشارع مذمومة اتفاقًا كالقتل والمكوس والمظالم

المحدثة. إنما الخلاف في أنها تسمى بدعة كما تسمى محدثة: (لا) على الطريقة الأولى و (نعم) على الثانية، وكذا القول في المحدثات الحسنة التى تتناولها قواعد الوجوب أو الندب وأدلتهما العامة اتفاقًا كجمع المصحف وصلاة التراويح على الهيئة المعروفة إنما الخلاف في أنها تسمى بدعة كما تسمى محدثة (لا) على الطريقة الأولى و (نعم) على الثانية، وسنذكر لك تحقيق مثار الخلاف بين الطريقتين في تعريف البدعة - إن شاء الله تعالى.

وقد نسب الإمام الزركشى في قواعده إلى الإمام الشافعى -رحمه الله - المعنى الأول في معنى البدعة على الطريقة الثانية، ونسب إليه ابن حجر في "شرح الأربعين" المعنى الثانى الأعم، وروى عنه أبو نعيم أنه قال: "البدعة بدعتان: بدعة محمودة وبدعة مذمومة فما وافق السنة فهو محمود وما خالفها فهو مذموم"، وروى عنه البيهقي في مناقبه أنه قال أيضًا: "المحدثات ضربان: ما أحدث يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا فهذه بدعة الضلالة، وما أحدث من الخير لا يخالف شيئًا من ذلك فهذه بدعة غير مذمومة" هكذا نقله الحافظ بن حجر في شرح البخارى في كتاب "الاعتصام بالكتاب والسنة".

وعلى هذا الاصطلاح بنى شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام المتوفى سنة ستين وخسمائة هلالية وتلميذه الإمام شهاب الدين القرافى المالكى المتوفى سنة أربع وثمانين وستمائة مذهبهما في تقسيم البدعة إلى الأقسام الخمسة الآتية وهما مسبوقان في هذا التقسيم بالإمام الشافعى. وإذًا فلا وجه لتشنيع الإمام الشاطبى المتوفى سنة تسعين وسبعمائة على القرافى في تقسيم البدعة لأن المسألة كما علمت مسألة اصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح مادام الحكم متفقًا عليه بين العلماء.

والذى ينظر في عبارة كثير من الأئمة يرى بعضها مصرحًا بأن البدعة تقال شرعًا بالمعنيين المذكورين في الطريقة الثانية، كما في عبارة العلامة الخادمى في شرح الطريقة المحمدية،

<<  <   >  >>