مشروعيته إذ لم ندع وجوبه، ولعل هناك دواعى قضت بتركه كتركهم صلاة التراويح في زمان أبى بكر وصدرًا من خلافة عمر رضي الله عنهما.
ولو كان التباس الشقى بالولى مدعاة لترك التبرك بالآثار لما ندبنا الشارع إلى احترام الأولياء، ولما أساغ الرقية منهم وطلب دعواتهم والاقتداء بهم وإتخاذ المريدين لهم قادة مربين.
(وجه الملازمة) أن كل ذلك يؤدى إلى تعظيم من ليس بعظيم وإلى الاقتداء بمن لا قدوة فيه لمكان الالتباس وهو الضلال البعيد.
وما وقع من أتباع الحلاج فذلك من فرط حماقتهم وليس نتيجة مشروعية التبرك بالآثار، ألَا ترى ادعاءهم الألوهية والشرع والعقل يحيلان عليه ذلك، والتمسك بما وقع من سيدنا عمر -رضى اللّه عنه- غير ناهض لأنها وقائع أحوال، فيجوز أنه احتف به أمور اقتضت المنع.
وحديث ابن شهاب لا يدل على أولوية الترك لجواز أن يكون الغرض منه دفع توهم أن مثل هذا التبرك يكفى علامة على محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفاد أنه لابد في شعار محبته من اتباع أوامره عليه الصلاة والسلام كيف وقد ورد أنه عليه الصلاة والسلام دعا لخادمته لما شربت بوله وقال:"لن تلج النار بطنك" رواه الدارقطني وقال: هو حديث صحيح، وقد صح عن الربيع بن سليمان أن الإمام الشافعى -رضى اللّه عنه- كان يتبرك بغسالة ثوب الإمام أحمد رحمه الله كما ذكره صاحب "الطبقات الكبرى" في قصة طويلة، ولسنا نريد أن يكون لها منصب الدلالة، وأن تنخرط في سلك الحجاج فإن فيما سبق الكفاية، وإنما نريد مجرد الائتناس كما يقع من الإمام الغزالى وغيره. وفى الأثر:"سؤر المؤمن شفاء" وهذا لكونه أثرًا من آثار المؤمن لأنَّه مؤمن.
(وصفوة القول) أن الشارع أجاز لنا تعظيم ذوى الفضل من العلماء والصلحاء وأباح لنا احترامهم بحدود مخصوصة فلا بأس بهذا التبرك ما دام لم يخرج إلى الحد الذى تأباه الشريعة. فلا يجوز التبرك بدم غيره وبوله إذ لم يثبت طهارة ذلك بخلافه - صلى الله عليه وسلم - فإن الأصح طهارة فضلاته عليه الصلاة والسلام، قال به القاضى حسين وآخرون. وفى ذلك خلاف طويل ذكره الإمام النووى في "المجموع" الجزء الأول باب الآنية.