سنتنا وطريقتنا وليس المراد إخراجه من الدين، بل المبالغة في الزجر عن الوقوع في مثل ذلك كما يقول الرجل لولده عند معاتبته: لست منك وولست منى: أي ما أنت على طريقتى، قال في الفتح: ويظهر لي أن هذا النفى يفسره التبرؤ الذى في حديث أبى موسى وأصل البراءة الانفصال من الشئ وكأنه - صلى الله عليه وسلم - توعده بألا يدخله في شفاعته مثلًا اهـ. وفيهما أيضًا عن أبى موسى الأشعرى أنه قال:"أنا بريء ممن برئ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - برئ من الصالقة": أي الرافعة صوتها بالندب والنياحة.
"والحالقة": أي لرأسها عند المصيبة "والشاقة": أي لثوبها، قال ذلك أبو موسى حينما أغمى عليه في مرضه ورأسه في حجر امرأة من أهله فأقبلت امرأته تصيح برنة. وأخرج مسلم:"اثنان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت". قال الإمام النووى في شرح مسلم: وهذا الحديث يدل على تغيط تحريم الطعن في النسب والنياحة.
وفى معنى الكفر أقوال أصحها: أنها من أعمال الكفار وأخلاق الجاهلية، وروى البزار بسند رواته ثقات أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال:"صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة"، عن أُسيد بن أبى أُسيد التابعى عن امرأة من المبايعات قالت:"كان فيما أخذ علينا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في المعروف الذى أخذ علينا ألا نخمش وجهًا ولا ندعو ويلًا، ولا نشق جيبًا، ولا ننشر شعرًا" رواه أبو داود. وخمشت المرأة وجهها بظفرها خمشًا: جرحت ظاهر البشرة من بابى ضرب ونصر، ثم أطلق الخمش على الأثر وجمع على خموش كفلس وفلوس.
فأنت ترى ما اشتملت عليه هذه الأحاديث الصحيحة من اللعن، وأن ذلك كفر، أي يؤدى إليه أو لمن استحل، وغير ذلك من أنواع الوعيد الشديد، ومنها
يظهر صحة ما قاله غير واحد من المحققين من أن تلك الأعمال كلها كبائر ويلحق بها ما في معناها. قال الإمام الأذرعى: الأحاديث الصحيحة تقتضى أن ذلك من كبائر الذنوب لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - تبرأ من فاعل ذلك قال: "ليس منا من لطم الخدود وشق