وقد يتوسع فيها حتى تتكرر في العام الواحد كما يعمل لسيدى أحمد البدوى -رحمه الله - قيل: أول من أحدثها بالقاهرة الخلفاء الفاطميون في القرن الرابع فابتدعوا ستة موالد: المولد النبوى، ومولد الإمام على رضي الله عنه، ومولد السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ومولد الحسن والحسين رضي الله عنهما، ومولد الخليفة الحاضر. وبقيت هذه الموالد على رسومها إلى أن أبطلها الأفضل بن أمير الجيوش، ثم أعيدت في خلافة الآمر بأحكام الله في سنة أربع وعشرين وخمسمائة بعدما كاد الناس ينسونها، وأول من أحدث المولد النبوى بمدينة اربل الملك المظفر أبو سعيد في القرن السابع، وقد استمر العمل بالموالد إلى يومنا هذا وتوسع الناس فيها وابتدعوا بكل ما تهواه أنفسهم وتوحيه إليهم شياطين الإنس والجن.
ولا نزاع في أنها من البدع، إنما النزاع في حسنها وقبحها فالقائلون بالمنع بنوه:
(أولًا): على أنها لم يستحسنها السلف ولم يفعلوها، وما اشتملت عليه من الصدقات وجمع الناس للطعام لا يجعلها مشروعة، فإن إطعام الطعام إنما شرع في العيدين وأيام التشريق فإنه من السنن التى سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين كإعانة الفقراء بالإطعام في شهر رمضان فإنه من سنن الإسلام. وأما اتخاذ موسم غير هذه المواسم الشرعية فليس من السنة، وكذا ما اشتملت عليه من قراءة القرآن وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغير ذلك فإنه وإن كان من أعظم القرب، وفيه البركة العظيمة، لكن إذا فعل ذلك بشرطه اللائق به على الوجه الشرعى لا بنية المولد. ألا ترى أن الصلاة من أعظم القرب ومع ذلك لو فعلها إنسان في غير الوقت المشروع لها لكان مذمومًا.
(وثانيًا) ما تشتمل عليه هذه الموالد من المفاسد المحرمة والمكروهة، فمن المحرمة إضاعة الأموال بكثرة الوقود في المساجد والطرق وإيقاد الشموع والمصابيح في
الأضرحة وكل ما يرجع إلى الإسراف والتبذير، وفى الحديث:"إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال" رواه مسلم.
(ومنها): انتهاك حرمة المساجد بتقذيرها وكثرة اللغط فيها ودخول الأطفال حفاة أو بالنعال فلا يكاد يتيسر لأحد إقامة الشعائر