للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا ضعيف ولا مسند ولا مرسل لفظ واحدة منها ألبتة، بل ولا عن أحد من أصحابه، ولا استحسنه أحد من التابعين، ولا الأئمة

الأربعة، وإنما غر بعض المتأخرين قول الإمام الشافعى رضي الله عنه في الصلاة إنها ليست كالصيام ولا يدخل فيها أحد إلا بذكر، فظن أن الذكر تلفظ المصلى بالنية، وإنما أراد الشافعى رحمه الله بالذكر تكبيرة الإحرام ليس إلا، وكيف يستحب الشافعى أمرًا لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة واحدة ولا أحد من خلفائه وأصحابه، وهذا هديهم وسيرتهم فإن أوجدنا أحد حرفًا واحدًا عنهم في ذلك قبلناه وقابلناه بالتسليم والقبول، ولا هدى أكمل من هديهم، ولا سنة إلا ما تلقوه عن صاحب الشرع - صلى الله عليه وسلم -، وكان دأبه في إحرامه لفظة الله أكبر لا غيرها، ولم ينقل عنه أحد سواها. انتهى المقصود منه.

فالمطلوب شرعًا من المأموم والمنفرد أن يقتصر في التكبير على ما يسمع نفسه فقط والإمام يرفع به صوته بقدر ما يسمع المأمومين.

ويا ليت الأمر وقف عند الجهر بها، بل ترى كثيرًا منهم يشوشون بذلك ويكررون النية مرة بعد أخرى حتى تفوته الركعة وربما أدى تشويشه إلى عجز من بجواره عن إحضار النية فتفوته أيضًا الركعة ومعلوم أن التشويش حرام ولو على النائم، كيف لا وقد أضر بهذا الجهر المتعبدين، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ضرر ولا ضرار" رواه ابن ماجه وغيره. والضرر: إلحاق الأذى بالغير مطلقًا، والإضرار: إلحاقه به على وجه المقابلة بالمثل. فالضرر ابتداء الفعل، والضرار الجزاء عليه، وقال أيضًا: "ملعون من ضر مؤمنًا" رواه الترمذى.

ومن البدع السيئة الوسوسة فإنها شر أنواع البدع، لا تسلط الوسوسة إلا على من استحكم عليه الجهل واستولى عليه الخبل وصار لا تمييز له، وأما من كان على حقيقة العلم والعقل فإنه لا يخرج عن الاتباع ولا يميل إلى الابتداع، وأقبح المبتدعين الموسوسون، وهى من عمل الشيطان اللعين لا غاية له إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها، ومن أصغى إلى الوسواس

<<  <   >  >>