للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألفًا عملهم عمل الأنبياء قالوا: يا رسول الله كيف؟ قال: "لم يكونوا يغضبون للَّه ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر وعن عروة عن أبيه قال: قال موسى عليه السلام: "يارب أي عبادك أحب إليك؟ قال: الذى يتسرع إلى هواى كما يتسرع النسر إلى هواه، والذى يَكْلَفُ بعبادى الصالحين كما يَكْلفُ الصبى بالثدى، والذى يغضب إذا أُتِيَتْ محارمي كما يغضب النمر لنفسه،

فإن النمر إذا غضب لنفسه لم يبال قل الناس أم كثروا" رواه الطبرانى في "الأوسط". يكلف: يتعلق، وكلف بكذا: أولع به وبابه طرب.

ومن هذا علم أن من البدع السيئة الموجبة للوبال وهى أشبه بالاعتقادات الفاسدة محبة الناس لمن يسالمهم ويوافقهم، وبغض من يدلهم على عوراتهم ويرشدهم إلى سعادتهم، فعن حذيفة رضي الله عنه قال: "يأتى على الناس زمان لأن تكون فيهم جيفة حمار أحب إليهم من مؤمن يأمرهم وينهاهم" ولقد صدق رضي الله عنه، فهذا حال الناس في هذا الزمان المفتون مع من يرشدهم وينصح لهم، وأوحى الله تعالى إلى يوشع بن نون عليه السلام؟ "إنى مهلك من قومك أربعين ألفًا من خيارهم وستين ألفًا من شرارهم، فقال: يا رب هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟ قال: إنهم لم يغضبوا لغضبى وواكلوهم وشاربوهم" رواه ابن أبى الدنيا وأبو الشيخ عن إبراهيم ين عمر الصاغانى ويشهد لهذا قوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩)} (١).

ومن بدعهم اعتقاد الشؤم أو الخير والسعادة في مثل المنازل والأزواج والدواب والضيف، فإذا حصل شيء من الخير أو الشر بمصادفة الأقدار عند حدوث شراء مسكن أو السكنى فيه أو عقد زواج أو شراء دابة أو قدوم ضيف زعموا أنه منها، وربما استأنسوا لذلك بما رواه البخارى من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الشؤم في الدار والمرأة والفرس" وهو خطأ منهم، فقد ورد في بعض رواياته تفسير الشؤم والبركة في هذه الأمور (وخير ما فسرته بالوارد)، روى الطبرانى من حديث أسماء بنت عميس، قالت: يا رسول الله ما شؤم الدار؟ قال: "ضيق مساحتها وخبث جيرانها". قيل: فما سوء الدابة؟ قال:


(١) [سورة المائدة: الآيتان ٧٨، ٧٩].

<<  <   >  >>