للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصلى ولا يتوضأ" (١) ، وحديث ابن عباس المذكور فيه وضوء منذ قيامه من [٤٩١/ب] النوم فيه مع نومه مع أهله، فلا يمكن الاحتجاج به على/مزيه بمجرّد النوم، إذ أصل ذلك الملامسة للأهل أو بحدث آخر، فكيف وفي آخر الحديث نفسه نام حتى سمعت خطيطه، ثم أقيمت الصلاة فصلَى ولم يتوضأ، وقيل لا ينام قلبه من أجل الوحي، وأنه يوحى إليه في النوم، وليس في قصة الوادي إلا نوم عينيه عن رؤية الشمس، وليس هذا من قفل القلب، وقد قال- عليه السلام-: إن الله قبض أرواحنا، ولو شاء ردها إلينا" (٢) ، في حين غير هذا فإن قيل: فلولا عادته من استغراق النوم؛ لما قال لبلال: أكلأ لنا الصبح، فقيل في الجواب: أنه كان من شأنه- عليه السلام- التقليس بالصبح، ومراعاة أوَل الفجر لا تصح ممن نامت عينيه، إذ هو ظاهر يدرك بالجوارح الظاهرة فوكل بلالاً بمراعاة أوّله؛ ليعلمه بذلك كما لو شغل بشغل غير النوم عن مراعاته، وزعم بعضهم أن قوله- عليه السلام-: "ارتحلوا" (٣) ، أو أخَر الصلاة، معارض بقوله فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها، ويجاب بأنَ الارتحال إَنما كان بسبب الشيطان الذي كان بذاك الوادي، وهذا من المغيبات التي لا يطلع عليها إلها الأنبياء- عليهم السلام-، وقيل أنه الأمر بالارتحال منسوخ بقوله: وأقم الصلاة لذكرى" كذا قاله ابن حزم، وهو قول غير صحيح؟ لأنه الآية مكيّة فكيف يوجه النسخ بها هنا، والنسخ لا يصح قبل وروده، وتعلَق الخفيون بهذا على أنه الصلاة لا تقتضي عند طلوع الشمس، وأجيب بأجوبة أحدها قوله فلم يوقظهم ألا حر الشمس، وهذا وقت مسوغ للصلاة إجماعًا.

الثاني: أنهما كان ارتحالهم، لأجل الشيطان أو لأجل الغفلة كما أسلفناه كما نهى- عليه السلام- عن الوضوء من بئر ثمود، وكنهيه عن الصلاة بأرض بابل.

الثالث: روى عطاء بن أبي رباح أن النبي- عليه الصلاة والسلام-:


(١) حسن. رواه أبو داود (ح/٢٠٢) ، وأحمد (١/٢٤٥) ، والبيهقي (١/١٢١، ١٢٢) .
(٢) انظر: الحاشية السابقة.
(٣) قوله: "ارتحلوا" غير واضحة "بالأصل" وكذا أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>