تفاوضوا في الأذان كان عبد الله وعمر غائبين فلمّا قدما وجد المفاوضة، فقال
عبد الله ما قال، وتلاه عمر، ولما رأى عمر قبول الرؤيا وصحتها قال: لا
تنادون إلى الصلاة/فقال عليه السلام لبلال: "قم" وقال عياض: ظاهر قول [٥١٠/أ] عمر أولا يبعثون رجلاً ينادى بالصلاة ليس على صفة الأذان الشرعي، بل إخبار بحضور وقتها، قال النووي: وهذا الذي قاله أبو الفضل محتمل ومتعيّن، فقد صحّ في حديث ابن زيد أنه رأى الأذان في المنام، فجاء إلى النبي
عليه السلام يخبره فجاء عمر فقال: "والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل
الذي رأى ". فهذا ظاهر أنه كان في مجلس آخر، فيكون الرافع الإعلام أولاً
ثم رأى ابن زيد الأذان فشرعه النبي عليه السلام بعد ذلك إمّا بوحي، وإمّا
باجتهاده على مذهب الجمهور، وليس هو عملا بمجرد المنام، هذا ما لا شك
فيه انتهى، وفي هذا كله ذهول عن قول عمر: لقد رأيت مثل ما رأى ولكنه
سبقني ويحمل قوله أّلا تناودن إلى الصلاة على الأذان الشرعي؛ لأنه قال مثل
ما رأى عبد الله، وعبد الله رأى الأذان مفصلا وأخبر به كذلك، ولأنه قد
وافقهما على رؤياهما سبعة من الصحابة في تلك الليلة أيضًا حكاه صاحب
المبسوط، وفي كتاب الغزالي فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بضعة عشر رجلاً من الصحابة قد رأى كلّهم مثل ذلك، ولأنا قدمنا في صحيح أبي عوانة فأذّن بالصلاة؛ ولأنه لا خلاف أنهم كانوا قبل ذلك يؤذّن بها، بقولهم: الصلاة جامعة، ذكره ابن سعد عن ابن المسيب أو بقولهم الصلاة الصلاة كما قدّمنا، وفي قوله: قم
يا بلال حجّه لمشروعية الأذان قائمًا، وأنه لا يجوز الأذان قاعدًا وهو مذهب
العلماء كافة إلا أبا ثور، فأنه جوّزه، ووافقه أبو الفرح فيما ذكره أبو الفضل،
واستضعفه النووي لوجهين: أحدهما: المراد بالنداء هنا الإِعلام، الثاني: المراد قم
واذهب إلى موضع بارز فناد فيه بالصلاة/، وليس فيه غرض للقيام في حال [٥١٠/ب] الأذان، قال: ومذهبنا المشهور أنه سنة فلو أذّن قاعدًا بغير عذر صحّ أذانه لكن فاتته الفضيلة، ولم يثبت في اشتراط القيام شيء، وفي كتاب الإِشراف: أجمع مملّ من يحفظ عنه المعلم: أنّ من السنة أن يؤذّن المؤذن قائماً، وروينا عن أبي زيد الصحابي، وكانت رجله أصيبت في سبيل الله أنه أذّن وهو قاعد، وفي
كتاب أبي الشيخ عن عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه قال: حق وسنة