للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشهد أنّ محمدا رسول الله ثلاثة أوجه، الوجه المجتمع عليه: أن محمد يجوز أن محمد رسول الله، وأن محمدًا رسول الله، على أنني (١) أقول: ولا يجوز أن تبدّل عن الألف أو انكسرت عينًا إنّما يفعل ذلك بها إذا انفتحت/قال أبو إسحاق الزجاجي ليس ما ذكره في إثبات الرسول صحيحًا، ولو كان كذلك ما جاز لهم في أول مجيئه أبيهم أن يقول: إنّي رسول الله أبيكم ولابنه لم يتابع أبيهم بعد بأخبار، ولا يدري إلى ما يكون تعديل كان لا يقع عليه في الحال الأولى اسم رسول، ولا تجب له حجة على تأويله هذا، ولكان من أرسل إنسانًا في حاجة واحدة إلى آخر لم ينفذه قط، وفي غيرها لم يجز للمرسل أن يقول لصاحبه المنفذ أبيه أنى رسول فلان أبيك، وهذا غلط بيّن يدفعه استعمال الكتابة ذلك غير منكرين له، وإنّما الرسول بمعنى المرسل المنفذ من أرسلت أي: أنفذت وبعثت ولذلك قال تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى} (٢) وقال: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} (٣) ، ولذلك قيل في معناه: مبعوث، وإنّما غلط أبو بكر؟ لأنه رآه على مقول فتوهمه فما جاء على مقول، ولا يكون ذلك إلا لتكرار الفعل: نحو ضروب وشبهة من الأسماء المبنية من الأفعال للمبالغة، وليس كذلك وإنما هو اسم بغير تكثير الفعل بمنزلة عمود، وعنود، وعجوز، فهو وإن كان مشتقًا، فأنه يجرى مجرى الأسماء المختصة في الاستعمال، والدليل على صحة ما قلنا، قول سيبويه: أجمع النحويون من البصريين: أزيد أنت أبيه رسول؟ قالوا: برفع زيد لأن رسولا اسم لا يجرى مجرى الفعل، فكأنك قلت: أزيد أنت له عجوز؟ ولو كان من تلك الأسماء الجارية مجرى الفعل للمبالغة لنصبت أزيد أنت له ضروب، وأزيد أنت له شكور، وكذلك ما أشبهه، وهذا بيّن واضح. انتهى. أنشد المبرد في كامله: وحبيب في حماسة الوسطى لبعضهم:

وما هجرتك النفس بأمي أنها قلتك ولا إن قل منك نصيبها


(١) قوله: {أنني} وردت "بالأصل" "يعنى" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
(٢) سورة الفتح آية: ٢٨.
(٣) سورة إبراهيم آية: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>