للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أمره شيئا وعليه الجهل بحال زفر بن وثيمة بن مالك بن أوس بن الحدثان؛

فإنه لا يعرف بأكثر من رواية محمد بن عبد الله بن المهاجر الشعيثي عنه،

وروايته هو عن حكيم. انتهى كلامه. وفيه نطر من حيث؛ نظر في غير موضع

النظر، وذلك أنّ من لا يصلح أن يكون علّة لحديث فإنه ممن سأل عثمان بن

سعيد الدارمي أبا زكريا يحيى بن معين؛ فقال: ثقة، وذكره أبو حاتم البستي

في كتاب الثقات، وروى له الحاكم في مستدركه حديثا صح إسناده، وروى

عن المغيرة بن شعبة، وروى عنه أيضا محمد بن عبد النضري فيما ذكره أبو

نعيم في كتاب المساجد، وأظنهما واحدا، وعلى كل حال زالت العلّة التي

عصب بها ابن القطان رأس زفر، وأمّا الشعيثي الذي أبرزه أبو محمد عبد

الحق؛ فهو ثقة عند جماعة: منهم: دحيم، والمفضل بن غسان فصح على هذا

إذا الحديث، ولقائل أن يقول: ليس الأمر على ما ذكرت، وذلك أنه حديث

منقطع، والمنقطع لا يكون صحيحا، وبيانه عدم اتصال ما بين زفر وحكيم

الذي أشار إليه ابن حبان بقوله: روى عن حكيم، إن كان سمع منه، وهذا

وإن كان ظنا لا يقينا فإنّه يخدش في الاتصال؛ لكوننا لم نعرف مولده ليتّضح

سماعه منه أو عدمه، ولانا لم نره صرح بسماعه منه، وإن لم يتّهم بتدليس/

فغير كان حداثنا رواية عنه مع هذا الخدش. والله تعالى أعلم، وقد وجدنا

دحيما لما ذكره وأوضح ما استبهم علينا من حاله بهذا أنه لم يكن حكيما،

وأما ما كرهه الحافظ أبو القاسم ابن عساكر؛ من أن وكيع بن الجراح رواه عن

الشعبي، عن عبد الرحمن المزني عن حكيم، وكذا ذكره الدارقطني رواه عن

حكيم العباس بن عبد الكريم، فغير محمد، لعدم ذكر هذين في شيء من

التواريخ جملة فيما أمر حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"جنبوا

مساجدكم صبيانكم ومجانينكم" (١) . رواه البزار وقال: ليس لهذا الحديث

أصل من حديث عبد الله، وفي كتاب أبي نعيم من حديث الحكم بن عبد

الملك عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عنه مرفوعا:"من أشراط الساعة أن يمُر

الرجل في المسجد لا يصلي فيه". وفي المستدرك (٢) من حديث خارجة بن


(١) موضوع المجمع (٢/٢٦- ٢٧) ، والعقيلي (٣/٣٤٨) ، والمتناهية (١/٤٠٤) ، والحفاء (١/٤٠٠) .
(٢) رواه الحاكم في"المستدرك": (٤/٤٤٦) ، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>