للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يرد خلاف قوله إلا عن ابن عيينة، وقد تقدّم الخلاف عليه في ذلك،

وهذه مسألة اختلف فيها: هل الحكم للمسند أو المرسل؟ وهل يعتبر فيهما

الأحفظ أو الأكثر؟ وهل الحكم للزائد أو للناقص؟ وهل إذا تساويا يكون علّة

مؤثرة أم لا؟ وههنا يترجح الأخلف في هذا الحديث؛ لأنّ الذين أسندوه كثر

وأحفظ من الذين أرسلوه، ولأنّ الزيادة من الثقة الحافظ مقبولة إجماعا، والله

تعالى أعلم.

وقد روى أبو داود في سننه حديثا شاهدا له من حديث سمرة بن جندب،

وكنب إلى بنيه أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في

ديارنا، ونصلح صفتها، ونطهّرها" (١) . ولفظ أحمد (٢) في مسنده:"وأمرنا

أن ننظفها ". وما ذكره أبو محمد الأشبيلي بعد حديث عروة قال: الأول

أشهر إسنادا، قال ابن القطان: يقتضى ظاهر كلامه أن حديث عائشة وهذا لا

شيء؛ لأنه إسناد مجهول النية فيه جعفر بن سعد بن سمرة وحبيب بن

سليمان، وما من هؤلاء من يعرف له حاله، وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم،

وهو إسناد يرى به جملة أخبار ذكر البزار منها نحو المائة، ولما ذكر عبد الحق

حديث سمرة بهذا الإسناد فيمن نسى صلاة أو نام عنها كذا قال: في هؤلاء

ولم ينتهي كلامه، وفيه نظر؛ من حيث أنّ هؤلاء ليسوا كما قال؛ بل حالهم

معروفة لا مجهولة، أنبأ جعفر، فروى عنه جماعة منهم: سليمان بن موسى

ومحمد بن إبراهيم بن حبيب وعبد الجبار بن العباس الشامي، وصالح بن أبي

عتيقة الكاهلي/، وسليمان بن سمرة روى عنه ابنه حبيب وعلي بن ربيعة

الوالي، وحبيب بن سليمان ذكرهم ابن حبان البستي في الثقات، وروى أبو

بكر الإسماعيلي في جمعه حديث يحيى بن أبي كثير عن القاسم المطر، وثنا

العلاء بن سالم، ثنا حفص بن عمر، ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن

أبي الزبير عن جابر:"كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يأمر باتخاذ المساجد في

الدور " (٣) . رواه أبو نعيم عن عمر بن أحمد القاضي، ثنا العباس بن علي، ثنا


(١) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (٢/١١) وعزاه إلى "أحمد " وإسناده صحيح.
(٢) إسناده صحيح. رواه أحمد: (٥/٣٧١) .
(٣) حسن. رواه أبو داود (ح/٤٥٦) والطبراني: (٦/٣٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>