للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث من حديث ابن عباس، وهو صدوق، وإنّما أنكروا عليه أحاديث رواها

عن يحمى بن سعيد الأنصاري معلومة، وقال أبو حاتم: وهو في غيره أحسن

حالا وهو بالجملة ضعيف، ورواه الساجي فلم يذكر الثوري مؤيّدًا لما أوّله أبو

محمد فقال: حدثنا محمد بن عبد الله فيما كتب أبي، ثنا الحماني، ثنا فرج

بلفظ: رأيت واثلة بزق ودلك برجله، وحديث أبي أمامة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"من تنخم في المسجد فلم يدفنه فسيئة، ومن دفنه/فحسنة" (١) . رواه أبو

نعيم من حديث أبي نميلة عن الحسن بن واقد، ثنا أبو غالب عنه، وذكر أبو

عبيد بن سلام في غريبه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"إن المسجد يروى من النجاسة

كما يروى الجلد على النار"، قال ابن سيده: النخاعة ما تفله الإِنسان

كالنخامة تنخع الرجل، وفي نخامته قال: نخم الرجل نخما، وتنخم وقع

بشيء من صدره أو أنفه، واسم ذلك الشيء النخامة، وقال الجوهري: النخامة

بالفم، وفى الجامع تنخم الرجل إذا تنخع، وقال عياض: النخامة من الصدر

وهو البلغم اللزج، وقال أبو موسى المديني: مخرجها من الخيشوم، وقال ابن

الأثير: يخرج من أصل الحلق من مخرج الخاء المعجمة، وقيل التي بالعين من

الصدور والتي بالميم من الرأس، وأما البزاق فحكوا فيه الصاد والسين، وهو

لغة ردية، قال عياض: البزاق في المسجد ليس بخطيئة إلا في حقّ من لم

يدفنه، وأما من أراد دفنه فليمر بخطيئة، واختلف العلماء في كيفية الدفن،

فالجمهور على دفنها في أرض المسجد، وإن كان ممكنا، وحكى الروياني: أنّ

المراد إخراجها مطلقا، ويشهد له ما أسلفناه من عند ابن خزيمة وغيره، قال

القرطبي: فيه دليل يعني قوله:"أيحب أحدكم أن يبصق في وجهه" (٢) ؟

على تحريم البصاق في القبلة، وإن الدفن لا يكفره، ويؤيّده ما أسلفنا من

الأحاديث، والله تعالى أعلم. وسمعت شيخنا قاضى القضاة بدر الدين بن

جماعة- تغمّده الله تعالى برحمته- يسأل يوما في منزله عن البزاق في شباك

المسجد إن كان له فقال: لا يجوز؛ لأنه يجر في المسجد، قال: اللهم إلّا أن


(١) أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (٢/٨) وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"، ورجاله موثقون.
(٢) مسند الحميدي: (٧٢٩، ١٢١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>