للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللًه ملائكته أن تكتب له أجر عمله " (١) في ذكر البخاري: أجيب بأن

المفاضلة لا تمنع أن تقع في الواجبات أنفسها؛ أي أنّ صلاة الجماعة في حق

من فرضه صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد في من سقط عنه وجوب صلاة

الجماعة لكان العذر بتلك الدرجات المذكورة، وهذا الجواب سبق ردّه ولله

الحمد، وزعم المهلب أن التحريق أريد به المنافقين، وإليهم يوجّه الوعيد محتجا

بقوله: " لو يعلم أحدهم أنّه يجد عرقًا، قال. وليس هذا من صفات المؤمن،

وبنحوه/قاله البيهقي عن الشافعي. رأى ذلك ابق حزم وابن بطال، واستدل

بعضهم به على أنّ الجماعة ليست فرض عين، ولو كانت فرضًا لما تركهم،

وزعم بعضهم أنّ هذا كان أوّل الإِسلام حيث كانت العقوبة في المال،

وأجمع العلماء على نفي عقوبة التحريق في غير المتخلف عن الصلاة والعمال

في العتيمة جواز، وبه أخد أهل الجرائم على أنّ فيه دليل على أنّ تارك

الصلاة متهاونًا، يقتل على قول من يقول: إنَّ الخطاب للمؤمن، وأمّا حديث

ابن أم مكتوم فزعم بعضهم أنه مؤذنا ومستخلفَا على غير ما عزوه، ولأنه

رخّص لغيره ولم يرخّص له؛ قلنا قد تأوّله أبو بكر بن خزيمة والحاكم والبيهقي

وأبو بكر بن إسحاق الفقيه وأبو سليمان- رحمهم الله تعالى- على أنه لا

رخصة لك إن طلبت فضل الجماعة وإنك لا تحوز أجرها مع التخلف عنها

بحال، وقال ابن المنذر: يحتمل أنه كان في الجمعة لا في الجماعة، وقيل:

كان ذلك أول الإسلام حين أتى غيب في الجماعة وسد الباب على المنافقين

في ترك حضورها، وقيل: لعلّه كان بمن يتصرف في أمر دنياه دون قائد

ككثير من العميان. انتهى. أمّا قوله في الجمعة فغير ذلك؛ لأن من قدر على

الجماعة (٢) بطريق الأولى، وأما قوله: لعله ممن كان يتصرف في أمر دنياه

فكذلك أيضًا؛ لأنّ من استطاع المجيء في الليل قبل الناس ليؤذِّن دليل على

كثرة تصرفه، والذي يظهر من هذا أنه رجل من المهاجرين الفقراء الذين لم

يألفوا المدينة ولا أملتها فيوهم أن ذلك يكون عذرًا له في التخلّف عن


(١) حسن. رواه أبو داود: (ح/٣٠٩١) ،.
(٢) اضطراب في سياق المتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>