ثم قال: هذا حديث منكر، وقد روى هذا الحديث عن الزهري جماعة لم
يذكروا هذا الكلام على هذا الشرح، وأخاف أن يكون أمر الاستعاذة منه كلام
الحميد، وفي كتاب البيهقي من حديث ابن أبي يحيى: " أنّ أبا هريرة أمّ
الناس، فرفع صوته " ربنا إنّا نعوذ بك من الشيطان الرجيم " في المكتوبة إذا
فرغ من أمّ القرآن "، قال الشافعي في روايتنا عن أبي سعيد: وكان ابن عمر
يتعوّذ في نفسه، وأيهما فعل أجزأه، وكان بعضهم يتعوذ حين يفتتح قبل أمّ
القرآن، وبذلك أقول. وأحب أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان / الرجيم، وأي
كلام استعاذ به أجزأه، قال: ويقول في أول ركعة. وقد قيل: إن قاله حين
يفتتح كل ركعة قبل أمّ القرآن فحسن، ولا أمر به في شيء من الصلاة أمرني
به في أوّل ركعة.
قال البيهقي: وروينا عن الحسن وعطاء وإبراهيم بقوله: في أؤل ركعة.
وعن ابن سيرين أنه كان يستعيذ في كل ركعة. زاد ابن حزم: لا نعلم لهؤلاء
التابعين مخالفًا، وأبو حنيفة يستحبها في أوّل ركعة فقط، وقال ههنا: عن
أحمد ثنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن الشعبي قال: ليس من خلف الإمام
استعاذة، فقال أحمد: لا نعرف هذا إلّا على الشعبي، ولم يسمعه هشيم من
أبي ليلى، وأما المونه- بلا همز- فزعم ثعلب: أنها ضرب من الجنون، وفي
الكتاب الراعي: هي بنى بأخذ الإنسان شبه السيئات وليس يحيق صاحبه،
وقال العيزار: الموته والموانه الجنون، وقال اللحياني في نوادره: هي الغشي، زاد
ابن سيده: لأنه يحدث منه سكوت كالموت. وقال أبو النصر: ضرب من
الجنون والصرع يعترى الإنسان، فإذا أفاق عاد له كمال عقله كالنائم
والسكران، واللَّه أعلم.
ولما ذكر البزار حديث ابن عباس بمثل حديث جبير من طريق رشدين، قال
أبو حمزة: فالذي ويسوسه في الصلاة، وأمّا نفثه فالشعر، وأمّا نفخه فالذي
يلقيه من الشبه يعني في الصلاة ليقطع عليه صلاته أو على الإنسان صلاته،
قال عبد اللطيف بن يوسف: معنى أعوذ بالله: التجاء إلى اللَّه والتزام بالله.