للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السارية فأماطه ". وثنا جعفر بن مروان عن يزيد الفقير قال: كنت أصلي إلى

جنب ابن عمر فلم أر رجلا أكره أن يمر بين يديه منه، وفي رواية صالح بن

كيسان عنه: " فلا يدع أحدا يمر بين يديه فيبادر برده ". قال عياض رحمه الله

تعالى: أجمعوا على أنّه لا يلزمه مقاتلة بالسلام، ولا ما يؤدي إلى هلاكه،

فإن دفعه بما يجوز فهلك من ذلك فلا قود عليه باتفاق العلماء، وهل تجب

ديته أم لاهدراء (١) ، فيه مذهبان للعلماء: وهما قولان في مذهب مالك، وفي

كتاب ابن السني: قال ابن شعبان: عليه الدية كاملة في ماله / وقيل: الديّة على

قاتلته، قال عياض: واتفقوا على أنه لا يجوز له المشي إليه من موضعه وإنّما

يدافعه ويردّه من موقعه؛ لأنّ مفسدة المشي في صلاته أعظم من مروره من

بعيد بين يديه، وإنّما أهج له قدر ما يناله من موقفه، وإنّما يردّه إذا كان بعيدا

مه بالإشارة والتسبيح، واتفقوا على أنه إذا مر لا يردّه نسلا يصف مرورًا ثانيا

إلينا، َ وروى عن بعض السلف: أنَّه يردّه، واختلفوا إذا جاز بين يديه وأدركه

هل يرده أم لا؟ فقال ابن مسعود: يرده ويروى ذلك عن سالم والحسن، وقال

أشهب: يردّه بإشارة ولا يمشى إليه؛ لأن مشيه (٢) مثل مروره بين يديه، فإن

مشى إليه ورده لم تفسد صلاته، وزعم ابن العربي أنّ بعض الناس غلط

فقال: إذا صلى إلى غير سترة فلا يدع أحدًا يمر بين يديه بمقدار رمية سهم،

وقيل: رمية حجر، وقيل: بمقدار المطاعة، وقيل: بمقدار المضاربة بالسيف، وحريم

المصلى سواء وضع بين يديه سترة أو لم يضعها بمقدار ما يشتغل قائمًا وراكعا

وساجدًا لا يستحق من الأرض كلّها سواها وسائر ذلك لغيره، وفي كتاب

المنذري: يحتمل أن يكون قوله فليقاتله يعني فليلعن، وقد جاءت المقاتلة بمعنى

اللعن فال تعالى: (قتل الخراصون) . وإلى هذا نحا غيره من الأئمة، وفي

كتاب ابن أنر قيل: معناه يؤاخذه على ذلك بعد إتمام الصلاة ومؤنته، وقيل:

يدفعه دفعا أشدّ من الردّ منكرا عليه، وحكى عن أبي حنيفة: إذا دفع المار

بطلان صلاته وهو قول الشافعي في القديم، وفي التمهيد: العمل القليل في

الصلاة جائز نحو قتل البرغوث، وحكّ الجسد، وقتل العقرب بما خفي من


(١) قوله: " لاهدراء " كذا هي في " الأصل "، وكذا أثبتناها.
(٢) قوله: " مشيه " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>