إلى المقدس فصلت الأنصار نحو بيت المقدس قبل قدومه بثلاث، وفي كتاب
الحافظ الدمياطي صرفت يوم الإثنين نصف رجب بعد خمسة عشر شهرًا
ونصف، وفي كتاب النحاس عن ابن زيد: بضعة عشر شهرًا، قال: وروى
الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قال: صرف صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إلى الكعبة في جمادى، قال أبو جعفر: وهو أولى الأقوال بالصواب، وقال أبو
البقاء حولت بعد ثلاثة عشر شهرًا من مقدمه المدينة، وقيل: بعد عشرة،
وقيل: تسعة أشهر، وفي كتاب الحازمي: اختلف الناس في المنسوخ هل كان
ثابتا بنص الكتاب أو السنة فذهبت طائفة إلى أن المنسوخ كان ثابتا بالقرآن إذ
القرآن لا ينسخ إلا بالقرآن، وكذلك السنة ثم أن استقبال القبلة شرط لصحة
صلاة الفرض والواجب إلّا في حالة الخوف، قال في المحيط التوجه شرط زائد
بدليل صحة صلاة النافلة بدونه فجاز أن يقام مقام غير القبلة مقامها عند
التعذر، وفي كتاب النووي: لتعلم أوله القبلة ثلاثة أوجه، أحدها: أنه فرض
كفاية، الثاني: فرض عين، الثالث: فرض كفاية إلا أن يريد سفر أولا يصح
قول من قال فرض عين إذ لم يقبل عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا عن أحد من السلف إلزام
آحاد الناس يعلم أوله القبلة في حق مقيم ولا مسافر/، بخلاف أركان الصلاة
وشروطها، ثم من كان بمكة فالفرض في حقه إصابة عين بالكعبة سواء كان
بين المصلى وبينها حائل بجدار أو لم يكن حتى لو اجتهد، قال الرازي
الحنفي: يعيد، وعن محمد بن الحسن لا يعيد إذا بأن له ذلك بمكة أو المدينة،
وفي كتاب أبي البقاء: وضع جبرائيل محراب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مساويَا للكعبة، وقيل
كان ذلك بالمعاينة، وأما من كان غائبَا عن الكعبة فغرضه جهتها لا عينها،
وهو قول عامة مشايخ الحنفية، وقال الجرجاني: شيخ القدوري: الفرض إصابة
عينها في حق الحاضر والغائب، وعند الشافعي فرض المجتهد مطلوبة عينها في
أصح القولين، والله أعلم.