البخاري عنه فقال: هو مرسل، ابن الفراسي لم يدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبوه له
صحبة، وقَال الإشبيلي: لمِ يروه فيما أعلم إلا ابن مخشي (١) وابن مخشي لم
يروه- فيما أعلم- عنه إلّا بكر بن سوادة، هذا نص ما ذكر، وخفي عليه
انقطاع حديثه، وذلك أنه من عد ابن عبد البر، ونص ما عده عن مسلم أنّ
الفراسي قال: كنت أجيد الحديث وناقض ذلك الإشبيلي حين ذكر حديث
" إذا كنت سائلَا فسل الصالحين " بقوله: ابن الفراسي لم يرو عنه إلا مسلم،
وقال أبو الحسن بن القطان: فتبيّن من هناك أن مسلما لا يروى عن الفراسي
إلا بوساطة ابنه، وليست لابنه صحبة. انتهى كلامه. وقال أبو عمر: إسناده
ليس بالقائم، وقد وقع لنا/هذا الحديث من طريق متصلة صحيحة، ذكرها أبو
بكر بن أبي شيبة في مسند قتيبة: نا ليث عن جعفر عن بكر عن مسلم بن
مخشي عن ابن الفراس أن الفراسي قال: قلت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فذكر
الحديث، فهذا كما ترى أنّ الفراسي رواه عن أبيه، فذهب ما توهم البخاري
وغيره من انقطاعه، على أن البخاري قد خولف في ذلك فذكر ابن بنت منيع
في معجمه أنّ ابن الفراسي له صحبة أيضَا، وزعم ابن الأثير أنَّ ابن الفراسي
والفراسي واحد، ويشبه أن يكون وهمَا، والله أعلم، وأما بكر بن سوادة أبو
ثمامة المصري الفقيه المفتي، فروى عن سهل بن سعد الساعدي وغيره من
الصحابة، وروى عنه جماعة منهم: عمرو بن الحرث وعبد الرحمن بن زياد
والليث ابن سعد قال ابن سعد: كان ثقة- إن شاء الله تعالى- وروى له
مسلم في صحيحه، واستشهد به البخاري، وبكر بن سوادة وثقة أبو حاتم
البستي- رحمه الله- فصح بذلك الحديث، والله تعالى أعلم، ويقال في
الفراسي ولم يذكر البخاري في الكبير غيره وهو من فراس بن مالك بن كنانة
حديثه عند أهل مصر ومخرج حديثه عنهم. كذا ذكره ابن عمرو وفيه نظر؛
لأن فراسَا ليس هو ابن مالك إنما هو ابن عثمان بن ثعلبة بن مالك، قال أبو
محمد الرشاطي: وثبوتهما هو الصواب. حدّثنا محمد بن يحيى، نا أحمد بن
حنبل أبو القاسم بن أبي الزياد، حدّثني إسحاق بن حازم عن ابن مقسم
(١) قوله: " مخشي " وقع في " بعض النسخ ": " يخنس "، والصحيح ما أثبتناه.