وكذا حديث مالك عن ابن عمر أنه:"كان إذا توضأ يعيد أصبعيه في الماء
فيمسح بهما أذنيه"وقال عبد الحق: روى هذا بن حارثة عن أبيه عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"تجريد الماء للأذنين"، وهو ضعيف، وزعم ابن القطان أنه حديث لا
وجود له أصلًا، وقال أبو عمر: وقول أبي ثور في ذلك كقوله سواء، وقال
أحمد بن حنبل كقول/مالك، وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه:"الأذنان
من الرأس يمسحان مع الرأس بماء واحد"وروى عن جماعة من السلف من
الصحابة والتابعين مثل هذا القول، وقال ابن شهاب: الأذنان من الوجه،
وقال الشعبي: ما أقبل منهما من الوجه وظاهرهما من الرأس، وبه قال
الحسن بن يحيى وابن راهويه وحكى ابن راهويه هذا القول عن الشافعي،
والمشهور ما تقدّم ذكره رواه عنه المزني والربيع والبويطي والزعفراني وغيرهم،
وقد روى عن أحمد مثل قول الشعبي وإسحاق، وقال داود: إن مسح أذنيه
فحسن، وإن لم يمسح فلا شيء عليه، وأهل العلم يكرهون للمتوضئ ترك
مسح أذنيه ويجعلونه تارك سنة من سنن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يوجبون عليه إعادة،
إلا إسحاق فإنّه قال: إن ترك مسح أذنيه عمدَا لم يجزه، وقال أحمد: إنّ
تركهما عمدًا أحببت أن يعيد، وقد كان علي بن زياد صاحب مالك يقول:
من ترك سنة من سنن الوضوء أو الصلاة عامدًا عاد، وهذا عند الفقهاء ضعيف
وليس يقابله نص ولا له حظ من النظر ولو كان كذلك لم يُعرق الغرض
الواجب مرة غيره، واحتج مالك والشافعي في أخذهما للأذنين ماء جديدَا؛
لأنّ ابن عمر كان يفعل ذلك وحجة أبي حنيفة حديث زيد بن أسلم عن
عطاء عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه فعل ذلك، وحديث الصنابحي حيث
قال عليه السلام:"فإذا مسح رأسه خرجت الخطايا من أذنيه"كما قال في
الوجه:"من أشفار عينيه"وفي اليدين:"من تحت أظفاره"ومن المعلوم أن
العمل في ذلك واحد بماء واحد، واحتجوا أيضَا بما رواه أبو داود عن ابن
عباس، ومسح برأسه مسحة واحدة وأكثر الآثار على هذا، وحجة من قال:
يغسل ظاهرهما مع الوجه، ويمسح باطنهما مع الرأس أن الله عز وجل قد أمر
بغسل الوجه، وهو مأخوذ من المواجهة فكل ما وقع عليه اسم وجه وجب
غسله، وأمر عز وجل بمسح الرأس وما لم يواجهك من الأذنين فمن الرأس؛