للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنهما في الرأس فوجب/المسح على ما لم يوجه منها مع الرأس، وهو قول

ترده الآثار الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه:"كان يمسح ظهور أذنيه وبطونهما" (١)

من حديث علي وابن عباس وغيرهما ومجد بن شهاب أنهما من الوجه؛ لأنه

لم يكن قفا والله تعالى قد أمر بغسل الوجه أمرًا مطلقًا وفي حديث عثمان:

"فأخذ ماء فمسح يرأسه وأذنيه فغسل ظواهرهما وبطنهما" (٢) ومن الحجة له

أيضًا ما صح عنه عليه السلام أنّه:"كان يقول في سجوده سجد وجهي

للذي خلقه فشق سمعه وبصره" (٣) فأضاف السمع والبصر إلى الوجه،

وحجة الشافعي في قوله: إن مسحهما سنة على حبالهما، اجتماع العلماء على

أنّ الذي يجب عليه حلق رأسه في الحج ليس عليه أن يأخذ ماء على أذنيه من

الشعر، قال أبو أحمد: ولا يختلف أحد في أنّ البياض الذي بين منابت

الشّعر من الأذنين ليس هو من الرأس في حكم الوضوء، فمن المحال أن يكون

بين أجزاء رأس الحي عضو ليس من الرأس، وأن يكون بعض رأس الحي مباينًا

لسائر رأسه، وأيضًا لو كان من الرأس لأجزأ أن يمسحا عن مسح الرأس، وهذا

لا يقول به أحد، وحكى الخطابي أن قوله عليه السلام:"الأذنان من الرأس"

له تأويلان أحدهما يمسحان مع الرأس تبعًا، والآخر إنهما يمسحان كما يمسح

الرأس ولا يُغسلان كالوجه وإضافتها إلى الرأس إضافة تشبيه وتقريب لا إضافة

تخفيف، وإنما هو في معنى دون معنى، كقوله: مولى القوم منهم أي في حكم

النصر مولد ولاه دون حك النسب واستحقاق الإرث، ولو أوصى رجل لبني

هاشم لم يعط مواليهم ومولى اليهودي لا يؤخذ بَالجزية، وفائدة الكلام ومعناه

عنهم إبانة الأذن عن الوجه في حكم الغسل وقطع الشبه فيها لما بينهما من


(١) صحيح. رواه القرطبي في"تفسيره": (٦/٩١) .
(٢) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (١/٢٢٩) من حديث حمران، وعزاه إلى
" أحمد"وهو في الصحيح باختصار ورجاله موثقون.
(٣) صحيح. رواه مسلم في (المسافرين، باب"٢٦"، ح/٢٠١، ٢٠١) والترمذي (ح/
٥٨٠، ٣٤٢١، ٣٤٢٣، ٣٤٢٥) والنسائي في (الافتتاح، باب"١٥"، والقرآن باب"١٠")
والحاكم في"المستدرك" (١/٢٢٠) وصححاه. والطبراني في"الكبير" (١٩/٢٣٢) وابن أبي
شيبة في"المصنف" (٢/٢٠) والقرطبي في"تفسيره" (٤/٤٥، ٦/٩١) وأحمد في' المسند"
(٦/٣٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>