خالط النوم قلب أحدكم فليتوضأ وهو قول سعيد بن المسيب وإسحاق بن أبي
عُبيد، وروينا معناه عن أبي هريرة وابن عباس وأنس وقال الزهري وربيعة
ومالك: إن نام قليلًا قاعدًا لم ينتقض وضوءه، وإن تطاول ذلك توضأ، وقال
الأوزاعي معنا ذلك، وبه قال أحمد وكان حماد بن أبي سليمان والحكم
وسفيان وأصحاب الرأي يقولون: إنّ من نام قائمًا أو قاعدًا فلا ينتقض وضوءه،
وإذا نام مضطجعًا أو متكئًا انتقض وضوءه، واحتجوا بحديث عن ابن عباس
ولا يثبت وفيه قول رابع: وهو من نام ساجدًا في صلاة فليس عليه وضوء،
فإن نام ساجدًا في غير صلاة توضأ، وإن تعمّد النوم ساجدًا في الصلاة فعليه
الوضوء وهو قول ابن المبارك.
وفيه قول خامس: وهو أن من زاد عن حدّ الاستواء قاعدًا أو نام قائمًا أو
راكعًا أو ساجدًا أو مضطجعًا فعليه الوضوء وهو قول الشافعي.
وفيه قول سادس: وهو أن الوضوء لا يجب من النوم على أي حال كان
حتى يحدث حدثًا غير النوم، روى معنى هذا القول عن أبي موسى الأشعري
قال: في شرح السنة- وهو فول الأعرج-: قال أبن المنذر وعن ابن المسيب
أنه كان ينام مرارًا مضطجعًا ينتظر الصلاة ثم يصلي ولا يعيد الوضوء، قال
أبو بكر: والقول الأول أقوى استدلالًا بالسنة وبإجماعهم على أنّ من زال
عقله بغير النوم فعليه الوضوء، والنائم زائل العقل أو في معناه، وقال ابن
حزم: والنوم في ذاته حدث ينتقض الوضوء سواء قلّ أو كثر، قاعدًا أو قائمًا،
في صلاة أو غيرها، أو راكعًا أو ساجدًا، ومتكئًا أو مضطجعًا أيقن من حواليه
أنه لم يحدث أو لم يوقنوا، برهان ذلك حديث صفوان يعم عليه السلام، كل
نوم ولم يخص قليله من كثيره ولا حالًا من حال وسوى بينه وبين الغائط
والبول، وهذا قول أبي هريرة،/وأبي رافع وعروة بن الزبير وعطاء والحسن
وابن المسيَّب وعكرمة والزهري وغيرهم، وذهب الأوزاعي إلى أن النوم لا
ينقض كيف كان لما أسلفناه من عند ابن المنذر وهو قول صحيح عن جماعة
من الصحابة، وعن ابن عمر ومكحول وعبيدة وذكر حديث:"فيضعون
جنوبهم"، وحديث:"ينامون ثم يصلون"، قال: لو جاز القطع بالإِجماع
فيما لا يتيقن أده يشذ عنه أحد؛ لكان هذا يجب أن يقطع فيه أنه إجماع لا