للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجحه أيضا محمد بن يحيى الذهلي بقوله: الوضوء من مس الذكر استحبابا

لا إيجابا؛ لحديث عبد الله بن بدْر عن قيس بن طلق عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حكاه

الحافظ بن خزيمة في صحيحه، وذكره أيضا ابن الجارود في كتاب المنتقى،

وكذلك الإمام أحمد بن حنبل، وسكت عنه أبو محمد الأودي، وذلك مشعر

بصحّته عنده، وتبع ذلك أبو الحسن عليه، وقال: هو حسن صحيح، وقال أبو

عمر بن عبد البر: أحسن أسانيده من جهة ملازم، وأشار الطبراني- رحمه الله

تعالى- إلى صحته، وأما تضعيف من ضعفه بقيس فغير صحيح؛ لأنه ممن

ذكره غير واحد في جملة الصحابة، وعلى تقرير لا يكون صحابيّا فقد وثقة

ابن معين فيما حكاه ابن عبد الحميد (١) وغيره، ولا معارضة بينه وبن ما

حكياه عنه من أنّه لا يحتج به؛ لاحتمال أن يكون أحد الأمرين قبل الآخر، أو

يكون الحجة عنده فوق الثقة، ووثقه أيضا أحمد بن عبد الله العجلي الحافظ،

وذكره أبو حاتم البستي في كتاب الثقات، وروى عنه جماعة؛ منهم: عبد

الله بن بدْر ومحمد بن جابر وعبد الله بن النعمان السّحيمي وابن أخيه

عجيبة بن عبد الحميد بن طلق وابنه هودة بن قيس وعكرمة بن عمار

وأيوب بن عتبة وأيوب بن محمد وموسى بن عُمير اليماني وسراج بن عقبة

وعيسى بن حيثم، وفي ذلك رد لقول من قال: قد سألنا عنه فلم نجد من

يعرفه بما يكون لنا قبول خبره؛ لأنّ هؤلاء عرفوه فرووا عنه، وأولئك عرفوا

حاله فأخبروا عنها، ولولا عرفانها لما جاز لهم تصحيح خبره، والله أعلم. ومن

كان بما وصفناه كان حديثه صحيحا لا علّة فيه، حسنا بغير شبهة تعتريه؛ أمّا

الصحة فقد تقدّم سببها، وأمّا الحسن فلعرفان مخرجه بما يأتي بعد، إن شاء

الله تعالى. حدثنا عمرو بن عثمان بن سعد بن كثير بن دينار الحمصي ثنا

مروان بن معاوية عن جعْفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامه سئل رسول الله

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مس الذكر فقال: " إنما هو جزء منك " (٢) . وفي مصنف وكيع بن

الجرّاح: " إنما هو جِذْوةٌ منك ". هذا حديث معلّل بأمرين:


(١) قوله: " عبد الحميد لما وردت في " الأولى ": " الخير "، والصحيح الثاني.
(٢) الكنز (٢٧٠٧٣) والمتناهية (١/٣٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>