للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المني أم الذكر؟ قال: المني. قلت: فكيف هذا؟ قال: ما ألقاها على لسانك

إلا شيطان. قال أبو عمر: يقول الثوري: إذا لم يجب الوضوء من مس المني

فأجدر ألا يجب من مس الذكر، فإذا لم يجب من النجس فأحرى ألا يجب

من الطاهر، وإنما ساقت المناظرة وصارت المعارضة عنده في هذه المسألة

لاختلاف الآثار فيها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واختلاف الصحابة رضي الله عنهم، ومن

تعلم في ذلك، ولو كان فيها أثر لا معارض له ولا مطعن فيه لسلّم الجميع له

وقالوا به، قال أبو بكر بن حازم: ومن ذهب إلى إيجاب الوضوء ادّعى أنّ

حديث طلق منسوخ، وناسخه حديث بُسرة وأبي هريرة وعبد الله بن عمر؛

لتأخّرهم في الإسلام، وقال بعض من ذهب إلى الرخصة المصير إلى حديث

طلق (١) أولى؛ لأسباب: منها: إشهار طلق بالصحبة، ومنها: طول صحبته

وكثرة روايته، ثم لو سلمنا ثبوت حديث بُسرة فمن أين لكم ادعاء النسخ في

ذلك إذ ليس في حديث بُسرة/ما يدل على النسخ؟ بل أولى الطرق أن يجمع

بين الحديثان كما حكى عن ابن عيينة، فإنه قال: تفسير حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" من مس ذكره فليتوضأ " معناه: أن يغسل يده إذا مسّه، وردّ ذلك ابن حزْم

فقال: هذا باطل، لم يقل أحدٌ أنّ غسل اليد واجب أو مستحب من مس

الفرج، لا المتأولون لهذا التأويل الفاسد ولا غيرهم، ويقال لهم: إن كان كما

تقولون فأنتم مخالفين الأمر، وأيضا فإنه لا يطلق الوضوء في الشّريعة إّلا

الوضوء للصلاة، وقد أنكر- عليه السلام- اتباع هذه اللفظة على غير الوضوء

للصلاة لما أتى من الغائط فأتى بطعام فقيل: ألا تتوضأ؟ فقال: لم أصل

فأتوضأ، وقد جاء مبينا في حديث بُسّرة: " فليتوضأ وضوءه للصلاة "، وقال

ابن حبّان: خبر طلق منسوخ؛ لأن قدومه على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول سنة من سنين

الهجرة، وقد روى أبو هريرة إيجاب الوضُوء من مسّ الذكر، وأبو هريرة أسلم

سنة سبْع، ذلك على أن خبر أبي هريرة كان بعد خبر طلق بسبع سنين، ثم

قال: ذكر الخبر المصّرح برجوع طلق إلى بلده بعد قدمته، قال: أنبأنا خليفة نا

(١) قوله: " طلق " وردت في " النسخة الأولى ": " طوق "، وهو تحريف، والصحيح " طلق "

كما في النسخة الثانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>