للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِبهام والأنف والأذن وما هو منّا لكان لا بأس علينا أن نمسّه بأيماننا فكيف

يشبه الذكر بما وصفوا من الإبهام وغير ذلك فلو كان شرعا سواء لكان سببه

في المسّ سبيل ما سمّينا، ولكن ها هنا علّة قد غابت عنا معرفتها، ولعل ذلك

أن يكون عقوبة لكي يترك الناس مس الذكر فيصير من ذلك إلى الاحتياط

انتهى كلامه، وفي استدلاله بحديث مسّ الذكر باليمين نظر؛ لإغفاله قوله

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبول لما فيه من الاستهانة باليمين وخشية الاستنجاء، والله أعلم.

وقال أبو محمد/بن حزْم: خبر طلق صحيح إلا إنه لا حجة فيه لوجوده

أحدها أنّ هذا الخبر موافق لما كان الناس عليه قبل ورود الأمر بالوضوء من

مسّ الفرج، هذا ما لا شك فيه، وهو كذلك فحكمه منسوخ يقينا حين أمر-

عليه السّلام- بالوضوء منه، ولا يحل ترك ما يتيقّن أنه ناسخ والأخذ بما يتيقّن

أنّه منسوخ، وثانيها: أن كلامه- عليه السلام- هل هو إلا بضعة منك؟! "

دليل على أنه كان قبل الأمر بالوضوء منه؛ لأنه لو كان بعده لم يقل- عليه

السلام- هذا الكلام؛ بل كان بيّن على أنّ الأمر بذلك قد نسخ، وقوله هذا

يدل على أنه لم يكن سلف قد حكم أصلا وأنّه كسائر الأعضاء، وقال

الخطابي: وترك خبر طلق على أنه أراد اللمس ودونه حائل، واستدلوا على ذلك

برواية الثوري وشعبة وابن عيينة أنّه سأله عن مسّه في الصلاة والمصلي لا يمس

فرجه من غير حائل بينه وبينه انتهى.

وفي قوله: والمصلي لا يمس فرجه من غير حائل نظر؛ لما ذكره أبو عمر من

حديث أبي الوليد الطيالسي ثنا نافع بن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة عن

عمر بن الخطاب: " أنه صلى بالناس فأهوى بيده فأصاب فرجه فأشار إليهم

كما أنتم، فخرج فتوضأ ثم رجع إليهم فأعاد "، وفي الإسرار: ومطلق المس

اسم للمس بلا حائل، وهذه المسألة وقعت في زمن عبد الملك بن مروان،


والخطيب (٣/١١١) . وتمام لفظه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه ".
قلت: وأخرجه الشيخان بلفظ: " إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإِناء، وإذا أتى الخلاء فلا
يمسّ ذكره بيمينه، ولا يتمسح بيمينه ". وأخرجه أبو داود (١/١٢) من طريق أبان عن
يحيى بن أبي كثير. قال المنذري: " وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة
مطولا ومختصرا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>