للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يثبت مثله، وأمّا عائشة؛ فإنها كرهت ذلك ثم ثبت عنها أنّها أحالت بعلم

ذلك على علي فأخبر علي بالرخصة في ذلك، وأمّا ابن عباس؛ فإنما كرهه

حين لم يثبت مسح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد نزول المائدة، فلما ثبت له رجع إليه. انتهى

كلامه. وقد أسلفنا عن أبي هريرة أيضا إنكاره وأما ما روي عن عائشة

فضعيف أيضا في غاية الضعف نص عليه ابن الجوزي في كتاب العلل المتناهية

في الأخبار الواهية، قال أبو عمر: ولا أعلم أحدا من الفقهاء روي عنه إنكار

المسح إلا مالكا والروايات الصحاح عنه بخلاف ذلك، وقال الألوسي: المسح

جائز عند جمهور العلماء، وقال بعض الناس: لا يجوز؛ لأنّ الله تعالى ذكر

الأرجل دون الخفاف فلا يزاد على الكتاب بخبر الواحد. ونحن نقول: إنّما

أردنا بسنة جاءت لغو ليمس لذلك. قاله أبو حنيفة قال: وهي مشتهرة مثل

التواتر، وفي نسخة أخرى قريبة من التواتر حتى قال أبو يوسف: يجوز نسخ

القرآن بمثل خبر المسح على الخفين ولكنّا لم ننقلها؛ لأنّ الإجماع المنعقد اليوم

أغنانا عن الاحتجاج بالأخبار، وأمّا قول أبي عمر لا أعلم أحدا من الفقهاء

روى في إنكار المسح إلا مالكا؛ ففيه نظر إن أراد من كان فقيها من التابعين

فمن بعدهم؛ لما ذكره ابن أبي شيبة من أنّ مجاهد كان يكره ذلك، وسعيد بن

جبير، وعكرمة، وفي كتاب الآجري عن أبي داود: جاء زيد بن أسلم إلى

ربيعة بن أبي عند الرحمن فقال: أمسح على الجوربين فقال ربيعة ما صح عن

النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه مسح على الخفين يلفّ على خرقتين ومن آداب لبس الخف

نفضه لقوله عليه الصلاة والسلام: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا

يلبس خفه حتى ينفضه " (١) . ذكره النيسابوري في كتاب شرف المصطفى،

وقال: إنّما قال ذلك لأنه دعا بخفه ليلبسه فلبس أحدهما ثم جاء/غراب

فاحتمل الآخر فخرجت منه حّية، وكان له عليه الصلاة والسلام أربعة أزواج


(١) رواه الطبراني (٨/١٦٢) والكنز (٤١٦١٢) والمغني عن حمل الأسفار (٢/١٥٧) وإتحاف
(٦/٤٢٣) والمجمع (٥/١٤٠) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه هاشم بن عمرو ولم
أعرفه إلا أن ابن حبان ذكر في الثقات هاشم بن عمر في طبقته، والظاهر أنه هو إلا أنه لم
يذكر روايته عن إسماعيل بن عياش وشيخ إسماعيل في هذا الحديث شامي فرواته ثقات وهو
صحيح إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>