للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرج في سننه عن محمد بن أبي عمر عن سفيان عن عمرو عن الزهري عن

عبيد الله عن أنس عن عمّار به فغير صحيح؛ لأني لم أجده في كتابه، وفي

التمهيد كل ما يروى عن عمّار في هذا مضطرب مختلف فيه وأكثر الآثار

المرفوعة عنه ضربه واحدة للوجه واليدين، وفي سؤالات أحمد بن أبي عبدة

قال أحمد في حديث عمّار: هذا أثبت عندي، وقال عبد الحق: الصحيح

المشهور في صفة التيمم من تعليم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنّما هو للوجه والكفين. وأقرّه

على ذلك أبو الحسن؛ بل نظرته، وكذا قاله ابن الجهار في المدارك، وقال

إسحاق فيما ذكره أبو عيسى (١) : حديث عمار الوجه والكفين حديث صحيح

وحديثه: " تيممنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المناكب والآباط " (٢) ليس هو بمخالف

لحديث الوجه والكفين؛ لأنّ عمارا لم يذكر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم بذلك، وإّنما

قال: فعلنا كذا وكذا فلما سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بالوجه والكفين، ففي هذا

دلالة أنه انتهى إلى ما علمه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال الإمام الشّافعي: ولا يجوز على

عمار إذ ذكر تيممهم مع (٣) النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند نزول الآية إلى المناكب إن كان

عن أمره عليه السلام إلا أنه منسوخ عنده إذ روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أنه أمر


(١) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، ١١٠- باب ما جاء في التيمم، (ح/
١٤٤) وقال: " حديث عمار حديث حسن صحيح ".
ورواه للدارمي (١/١٩٠) وأحمد في المسند (٤/٢٦٣) وأبو داود (١/١٢٨) وابن الجارود
) ص ٦٧) والبيهقي (١/٢١٠) كلهم من طريق قتادة. قال الدارمي بعد روايته: " صح
إسناده ".
وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبد الرحمن بن أبزي قال: " جاء رجل إلى
عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب:
أما تذكر ألا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت
ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنما كان يكفيك هكذا، وضرب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكفيه الأرض
ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه ". اللفظ للبخاري، وانظر فتح الباري (١/٣٧٥-
٣٧٧) .
(٢) انظر: سن الترمذي) ص ٢٧٠ ج ١ بعد الحديث السابق. ورواية التيمم إلى المناكب
والآباط عند أبي داود والنسائي وابن ماجة. وانظر نصب الراية (١/٨١) .
(٣) قوله: " مع " وردت " بالأصل " " وسعى " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه من
" الثانية ".

<<  <  ج: ص:  >  >>