للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح عن يحيى بن يحيى وأحمد بن يونس ثنا زهير عن أبي إسحاق دون

قوله قبل أن يمس ماء؛ وذاك لأنّ الحفاظ طعنوا في هذه اللفظة، وتوهموها

مأخوذة من غير الأسود، وأنّ أبا إسحاق رّبما دلس فرواها من تدليساته،

واحتجوا على ذلك برواية النخعي وعبد الرحمن بن الأسود بخلاف رواية

إسحاق قال: وحديث أبي إسحاق صحيح من جهة الرواية؛ وذلك أنّه بيّن فيه

سماعه من الأسود في رواية زهير عنه، والمدلس إذا بين سماعه ممن روى عنه

وكان ثقة، فلا وجه لردّه ووجه الجمع بين الروايتين على وجه يحتمل، وقد

جمع بينهما أبو العباس بن شريح فأحسن الجمع وذلك فيما أنبأ أبو عبد الله

الحافظ: قال: سألت أبا الوليد الفقيه، فقلت: أيّ الإسناد قد صح عندنا

حديث الثوري عن أبي إسحاق عن الأسود قال: " كان ينام ولا يمس ماء ".

كذلك صح حديث نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر: يا رسول

الله أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: " نعم إذا توضأ " (١) . فقال ابن الوليد: سألت

ابن شريح عن الحديثين فقال الحكم: لهما جمعيا أم حديث عائشة فإنّما أرادت

أنّه كان لا يمس ماء للغسل. وأمّا حديث عمر فمفسّر ذكر فيه الوضوء/وبه

يأخذ. انتهى كلامه. ولو حمل الأمر على الاستحباب والفعل على الجواز لكان

حسنا إذ الفعل لا يدلّ على الوجوب بمجرده، ويمكن أنّ يكون الأمران جميعا

وقعا فالفعل لبيان الاستحباب والترك لبيان الجواز، وقد صرّح ابن قتيبة في

كتاب مختلف الحديث به في قوله إنّ هذا كلّه جائز فمن شاء أن يتوضأ

وضوءه للصلاة بعد الجماع ثم نام، ومن شاء غسل يديه وذكره ثم نام ومن

شاء نام من غير أن يمس ماء غير أنّ الوضوء أفضل، وكان عليه الصلاة

والسلام يفعل هذا مرّة وهذا مرّة ليدلّ على الفضيلة وهذا مرة ليدل على

الرخصة، واستعمل النّاس ذلك، فمن أحبّ أن يأخذ بالأفضل أخذ، ومن


وأحمد (٦/١٠٢، ٢٥٣) والبيهقي (١/٢٠٢) وشرح السنة (٤/٦٢) والمعاني (١/
١٢٥) .
(١) صحيح. رواه ابن ماجة في: ١- كتاب الطهارة، ١٠٣- باب في الجنب يأكل
ويشرب، (ح/٥٩٢) . وصححه الشيخ الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>