البختري يحدّث عن حذيفة فذكره قوله: اتقوا البشرة، قال أبو زيد في كتاب
الأسرار: وداخل الأنف شعرة ولداخلها بشرة سمعت والذي عمر بن عيسى
يحكى عن أبي عمر غلام ثعلب ببغداد يحكى عن ثعلب أنه قال: البشرة:
الجلدة التي تقى اللحم عن الأذى، وبداخلها هذه الجلدة. انتهى كلامه، وفيه
نظر؛ لأنّ المعروف عن ثعلب ما حداه الخطابي واحتج بعضهم في إيجاب
المضمضة بقوله واتقوا البشرة، وزعم أنّ داخل الفم من البشرة/وهذا خلاف
قول أهل اللغة؛ لأن البشرة عندهم هي ما ظهر من البدن فباشره البصر من
الناظر إليه، وأما داخل الفم والأنف فهو الأدمة؛ لذلك أخبرني أبو عمر عن
أبي العباس أحمد بن يحيى، وفي صحاح أبي نصر الجوهري والجمهرة لابن
دريد البشرة والبشر: ظاهر جلد الإنسان. زاد ابن سيده ظاهره أعلا جلدة
الرأس والوجه والجسد من الإنسان وهي التي عليها الشعر، وقيل: هي التي تلي
اللحم وبشرة الأرض ما ظهر من نباتها الاشتقاق وذكره أبو زيد، وفي كتاب
الموضح للخطيب التبريزي والبشرة: ظاهر الجلد، وقال قوم: يقال للباطنة:
بشرة، وقال السراج في كتاب الاشتقاق: وذكره أبو زيد وهو غلط، وفي
كتاب أبي عبيد بن سلام البشرة: ظاهر الجلد والأدمة باطنه، وتبعه على هذا
غير واحد من الأئمة، واحتج من أوجب المضمضة والاستنشاق في الاغتسال
بحديث أبي هريرة أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا
فريضة ". رواه الدارقطني (١) من جهة نزلة بن محمد الحلبي عن يوسف بن
أسباط عن سفيان عن خالد الحذاء عن ابن سيرين عنه وقال: هذا باطل، ولم
يحدّث به غير نزلة وهو صحيح الحديث، قال ابن عدي: ذكرت الحديث
لعبدان فقال: هات أحاديث المسلمين إذا رأيت قوله بحلب وتركته على عمد؛
لأنه كان يكذب، قال البيهقي: وقد اعترف نزلة نفسه بكونه منكرا؛ فإنّه لما
رواه قال: وأمّا بقية هذا الحديث لم يروه متصلا غيره، وقد روى مرسلا عن
ابن سيرين بغير هذا اللفظ بإسناد صحيح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/: " الاستنشاق من
الجنابة ثلاثا ". وقال أبو الحسن في الأفراد: هذا غريب من حديث الثوري عن
(١) منكر. رواه الدارقطني في " السنن ": (١/٤٨، ٦٠٠) .