للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرضيا من أهل المدينة فلا ندرى من القائل أهو ابن السائب أم عمرو؟! فإن

كان ابن السائب/فلا نقبل قوله؛ لأنه يحتاج إلى من يعدله، وإن كان عمرو

قاله فلا ندرى أراد ابن سعاد أو ابن السائب فلمّا اتهمّ الإمام سقط الاحتجاج

به، وأيضا فهذه لفظة لا تعطى توثيقا؛ لاحتمال أن يكون مراده الدين، وقد

وقع لنا هذا الحديث من طريق صحيحة سالمة من هذين الرجلين ذكرهما

البخاري في صحيحه، نا أبو معمر، نا أبو نعيم، نا عبد الوارث عن الحسين

ابن ذكوان المعلم البصري قال يحيى بن أبي كثير: وأخبرني أبو سلمة أنّ عطاء

ابن يسار أخبره أن زيد بن خالد الحمني أخبره أنّه سأل عثمان بن عفّان فقال:

أرأيت إذا جامع الرجل امرأته فلم يمن؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة

ويغسل ذكره، وقال عثمان: سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألت عن ذلك علي

ابن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأبيّ بن كعب فأمروه

بذلك. فأخبرني أبو سلمة: أن عروة أخبره أنّ أبا أيوب أخبره أنه سمع ذلك

من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال أبو الحسن الدارقطني في كتاب العلل: وفي هذا

الموضع وهم؛ لأنّ أبا أيوب لم يسمع هذا من النبي عليه السلام، إنّما سمعه

أبي بن كعب من النبي قال ذلك هشام بن عروة عن أبيه عن أبي أيوب عن

أبي انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لأنّ أبا أيوب قد قدمنا قوله: أنّه سمع ذلك من

النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على لسان أبي سلمة عن عروة، وكونه رواه بواسطة في البخاري

أيضا لا يؤثر فيما قلنا؛ لأنه يحتمل أنّه سمعه من أبي، ثم سمعه من المصطفى

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولو لم يكن هذا لما جاز له أن يقول: سمعته من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمّا قول/

القاضي أبي بكر (١) بن العربي- رحمه الله تعالى- في حديث أبي أيوب

هذا، والعجب من البخاري كيف ساوى بين حديث عائشة في إيجاب الغسل


(١) ابن العربي العلامة الحافظ القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الإشبيلي. جمع
وصنف، وبرع في الأدب والبلاغة، وبعد صيته، وكان متبحرا في العلم، ثاقب الذهن، موطأ
الأكناف، كريم الشمائل، مات بفاس في ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة. له
ترجمة في البداية والنهاية (١٢/٢٢٨) ، وشذرات الذهب (٤/١٤١) وطبقات المفسرين
للداودي (٢/١٦٢) ونفح الطيب (٢/٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>