للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأزدي: حديث مسة أحسنها يعني الأحاديث التي في الباب وعاب ذلك عليه

أبو الحسن القطان بقوله: أم مسة لا يعرف حالها ولا عينها، ولا يعرف في

غير هذا الحديث غيرها، وهذا ضعيف الإسناد وهى علّته/ومنكر المتن فإنّ

أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما منهنّ من كانت نفساء أيّام كنّ معه إلا خديجة وزوجيتها

كانت قبل الهجرة (١) فإذن لا معنى لقولها: " كانت المرأة من نساء النبي-

عليه الصلاة والسلام- تقعد في النفاس أربعين ليلة "، إلا أن تريد بنسائه غير

أزواجه من مات، وقريبات، وسرية، مارية- انتهى كلامه، وفيه نظر في

مواضع: الأوّل: قوله: أنّ مسّه لا يعرف عينها، وليس هو بأبي حذرة هذا

القول فقد سبقه إلى ذلك ابن حزم، وهو قول مردود بقول ابن حبان روى

عنها غير واحد منهم الحكم بن عيينة، وفي الخلافيات: روى عنها العزرمي،

وزيد بن علي بن الحسين، الثاني: عصبة الجنابة برأس مسّة، وسكوته عن

غيرها، وهو أبو سهل وإن كان ابن معين وثقة، وقال أبو حاتم: لا بأس به فقد

قال أبو حاتم بن حبان حين ذكره في كتابه يروى عن الحسن وأهل العراق

مقلوبات، الثالث: ما ادّعاه في مسّة من النكارة فمردود بمجيئه من غير طريقها

كما سنذكره بعد- إن شاء الله تعالى-، وفي لفظ الدارقطني (٢) : " أنّ أم

سلمة سألته- عليه الصلاة والسلام- كم تجلس المرأة إذا ولدت؟ قال: أربعين

يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك "، رواه من حديث العزرمي عن الحكم عن

مسّه، ورواه ابن وهيب في مسنده عن الحارث بن نبهان عن محمد عن أبي

الحسن عنها، وفي كتاب الضعفاء لابن حبّان: روى كثير بن زياد عن الحسن

عن أم سلمة: " كان النساء يقعدن على عهد النبي- عليه السلام- بعد

نفاسهن أربعين ليلة وأربعين يوما، وكنّا نطلى على وجوهنا الورس من

الكلف " (٣) ، وهو إسناد جيد، أو سلم من انقطاع ما بين الحسن وأم سلمة فإنّ


(١) قلت: بل في الجاهلية قبل الوحي.
(٢) رواه الدارقطني: (١/٢٢٠) من طريق زهير عن علي بن عبد الأعلى، ورواه أيضا من طريق يعقوب بن إبراهيم عن شجاع بن الوليد.
(٣) قلت: وقد زعم ابن حزم في المحلى (٢/٢٠٣) أن أكثر النفاس سبعة أيام فقط، وقاس ذلك
على أيام الحيض، وإن لم يعترف انه قياس، بل أغرب فزعم أن دم النفاس دم حيض!! =

<<  <  ج: ص:  >  >>