خلاف ما زعمت عائشة، وقال بذلك: جماعة، ورووا حديث عائشة وإن كان
إسناده صحيحا، ويجاب أنّه لا حاجة لنا إلى أصل الفرض إلا عن طريق
العصر، ولا وجه لقول من قال: إنّ حديثهما يعارضه القرآن وهو قوله تعالى:
(إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) (١) .
ونداء جميع العلماء على أن لا يكون قصّر من ركعتين في شيء في السّفر في
الإثنين؛ لأن حديث عائشة وضح أنّ الصلاة نريد فيها في الحضر، ومعلوم أنّ
الغرض فيها كان بمكة شرفها الله تعالى وعظّمها، وأنّ الزيادة كانت بالمدينة،
وأنّ سورة النساء متأخرة ولم يكن القصر مباحا إلا بعد تمام الفرض، وذلك
يعود إلى معنى واحد في أنّ القّصر إنّما ورد بعد تمام الصلاة، ولا حاجة لنا إلى
أصل الفرض اليوم؛ لأنّ الإجماع منعقد بأنّ صلاة العصر ثابتة أربعا وبالله
التوفيق، وذكر الحربي أنّ الصلاة قبل الإسراء كانت عند غروب الشّمس،
وصلاة قبل طلوعها لقوله تعالى: (وسبح بحمد ربّك بالعشي والإبكار) (٢) .
وقال يحيى بن سلام: مثله، فعلى هذا: يحتمل قول زيد في صلاة الحضر،
فتكون الزيادة في الركعات، وفي عدد الصلوات ويكون قولها: " فرضت
الصلاة ركعتين " (٣) أي قبل الإسراء، وقد قال بهذا طائفة من السلف منهم:
ابن عباس انتهى، ومثله ذكره ابن الجوزي في كتاب الوفاء عن محمد بن
أحمد بن البراء، وأما قول أبي بشر الدولابي في تاريخه: وروى عن عائشة
وأكثر الفقهاء: أنّ الصلاة فرضت بتمامها/فمحمول على إتمام العدد لا
الركعات والله تعالى أعلم، وفي قوله- عليه الصلاة والسلام- " ما بين هذين "
وقف أراد به تعليم الأعرابي بأن الصلاة تجوز في آخر الوقت لمن ليس أو كان
له عذرا، وخشى منه عليه السلام أن يظنّ أنّ الصلاة في آخر الوقت لا تجزئ،
وزعم الأصيلي. أنه قال: لم يصح عند مالك، حيث الوقتين لم يخرّجه
(١) سورة النساء آية:١٠١.
(٢) سورة غافر آية: ٥٥.
(٣) ضعيف جدا. المشكاة (١٣٤٨) ، والمجمع (٢/١٥٦) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
وفيه. عمرو بن عبد الغفار وهو متروك.