للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففزع النّاس، واجتمعوا إلى نبيّهم فصلّى بهم الظهر أربع ركعات لا يسمعهم

فيهن قراءة وهى أخفت، يؤم جبرائيل محمدا عليهما السلام، ويؤم محمد

الناس، ويقتدى محمد بجبرائيل عليهما السلام، ويقتدى النّاس بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ثم سلّم جبرائيل على محمد، وسلّم محمد على النّاس، فلما غابت الشمس

نودي الصلاة جامعة " (١) الحديث، وقد تقدّمت الإشارة في أنّ جبرائيل لم

يصل الصلوات الخمس بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا مرة واحدة وهو دان، وقد احتج من

زعم: أن جبرائيل عليه السلام صلى في اليوم الذي ليلة الإسراء مرة واحدة

للصلوات، وهذا ظاهر الحديث، واحتجوا أيضا بما ذكره عبد الرزاق عن ابن

جريج، قال: قال نافع بن جبير وغيره: لما أصبح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليلة التي

أسرى فيها نبينا لم يتركه جبرائيل حتى زاغت الشّمس، وصلّى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

بالنّاس وطوّل الركعتين الأوليين، ثم قصّر الباقيتين " (٢) الحديث، وفي كتاب

الطبراني من حديث ياسين الزيّات عن أشعث عن الحسن عن أبي هريرة وأبي

سعد قالا: " أوّل صلاة فرضت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظّهر " (٣) ، وفي الدلائل

للبيهقي عن علي: " أوّل صلاة ركعناها العصر " (٤) . وهو معارض لما تقدّم لو

صح إسناده، قال أبو عمر قوله: " الصلاة جامعة "؛ لأنه لم يكن فيها أذان،

وإنّما كان الأذان بالمدينة بعد الهجرة بعام، وحديث نافع بن جبير هذا مثل

حديث الحسن وهو ظاهر حديث مالك، والجواب عن ذلك ما تقدّم ذكرنا له

من الآثار الصحاح المتصلة في إمامة جبريل لوقتين، قد اقتصر على أنّ هذه

الآثار منقطعة؛ لأنّ فيها أنّ الصلاة فرضت في الحضر أربعا، لا ركعتين على


(١) صحيح. رواه أحمد (٢/٢٢٠، ٤/٩٠) ، والفتح (٢/٥٣٣، ٥٣٨) ، والبخاري (٢/٢٣) ،
وتغليق (٤٠٧) ، وإتحاف (٣/٤٣٠) ، والتمهيد (٨/٤١) .
(٢) الحاشية للسابقة.
(٣) ضعيف جدا أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (١/٢٩٣) وعزاه إلى الطبراني في
" الأوسط " وفيه ياسين الزيات وهو متروك.
(٤) ضعيف. المصدر السابق. وعزاه إلى البزار في " مسنده " والطبراني في " الأوسط " من حديث على، وفيه أبو عبد الرحيم ولم أجد في رجال الكتب غيره " وفي الميزان مجهول، وإن كان هو خالد بن يزيد فهو ثقة من رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>