في داره بسوق وردان. فاتّفق ان بكّارا قال لموسى بن عبد الرحمن بعد ما تخصّص به: يا ابا هارون من اين المعيشة. قال: من وقف ابي. قال: يكفيك. قال: قد تكفّيت به وقد اسأل القاضي فانا شاكّ. قال: سل. قال: هل ركب القاضي دين بالبصرة لم يجد له وفاء حتى تولّى القضاء. قال: لا. قال: فرزق ولد أحوجه الى ذلك. قال: لا.
قال: فعيال. قال: ما نكحت قط. قال: فاجبره السلطان وخوّفه. قال: لا. قال:
فضربت آباط الإبل من البصرة الى مصر لغير حاجة لله عليّ ان دخلت عليك ابدا.
فقال: أقلني. قال: انت ابتدأت. ثم انصرف عنه فلم يعد اليه
وقد استبعد صاحبنا جمال الدين [اي البشبيشي] صحّة هذه الحكاية من جهة ان ابن ابي الليث كان حينئذ محبوسا بالعراق لان خروجه من مصر كان في سنة ٤١ قبل مجيء بكّار بخمس سنين
واجرى المتوكّل على بكّار في الشهر مائة وثمانية وستين دينارا فلم يزل يجري عليه طول حياته قلت: وهي على حساب خمسة ونصف وثمن كل يوم فلعلّها كانت ستّة فخبّط الكتّاب منها نقص الأهلّة؟
وكان بكّار عارفا بالفقه كثير البكاء والتلاوة وكان اذا فرغ من الحكم خلا بنفسه وعرض من تقدّم اليه وما حكم به على نفسه وكان يكثر الوعظ للخصوم ولا سيّما عند اليمين وكان يحاسب أمناءه في كل وقت ويسأل عن الشهود
وكان ابراهيم بن ابي ايّوب يكتب للحارث بن مسكين فلمّا دخل بكّار مصر حضر اليه وكان ذكر عنده بسوء فقال له: انصرف فلا حاجة لنا بك. فخرج فرآه اهل الخصومات الذين بباب بكّار فثاروا اليه ومزّقوا ثيابه وضربوه فقيل لبكّار:
ان لم تدركه قتل. فقام فنادى: كفّوا فقد اشركناه في الكتابة مع كاتبنا. [فجعل] الذين وثبوا عليه ينفّضون ثيابه ويتعذّرون اليه ولولا هذه الحيلة من بكّار كان ابراهيم قتل ثم لم يستعمله بكّار
ولمّا امر المتوكّل ببناء المقياس في الجزيرة كتب الى بكّار ان يندب الى المقياس امينا فاختار لذلك ابا الردّاد عبد الله بن عبد السلام المؤذّن فاستمرّ ذلك في ولده وذلك في سنة ٢٤٧ وكان الذي يتولّى امر المقياس النصارى فامره المتوكّل