وقال ابن زولاق: حدّثني عبيد الله بن عبد الكريم قال: وكان بكّار يشتهي ان يسمع كلام المزنيّ فاجتمعا يوما في جنازة فاشار بكّار الى ابي جعفر التل ان يسأل المزنيّ عن مسئلة فقال التل: ما رأيت اعجب من اصحابنا الشافعيّين لهم احاديث في تحريم قليل النبيذ ولنا احاديث في تحليله فمن جعلهم اولى باحاديثهم منّا باحاديثنا. فقال المزنيّ: ليس يخلو ان يكون احاديثكم قبل احاديثنا او بعدها فان كانت قبلها فهكذا نقول انها كانت محلّة ثم حرمت فما نحتاج الى احاديثكم وان كانت احاديثكم بعد احاديثنا فهذا لا يقوله احد انها كانت حلالا ثم صارت محرّمة ثم حلّلت. فقال فيه بكّار: سبحان الله ان يكون كلام ادقّ من الشعر فهو هذا.
واتّفق فراغهم فصاح المنادي: انصرفوا. قال عبيد الله بن عبد الكريم: وكان بكّار يخالف اصحابه في تحليل قليل النبيذ ويذهب الى تحريمه وعاتب ابا جعفر التل صاحبه على الشرب
قال: فكان بكّار في غاية المعرفة بالقضاء فاحتاج مرة الى قبول شهادة رجل فسأل عنه فقيل له: ما يعرف حاله الاّ ابنا الحلال الشافعيّان. وكانا من جلساء المزنيّ وارسل اليهما فسألهما فقالا: عاملناه ووافانا. فقال لهما بكّار: عاملكما ووافاكما واعفاكما. فقالا: لا تردّدنا اليه. فقال: وكان قادرا على الوفاء. قالا: نعم. قال:
فوقف عن قبول شهادته
قال: وكان في مجلس ابن طولون فتخاصم رجلان فقال له: احكم بينهما. فنظر في القضيّة وتوجّه اليمين على احدهما فاستحلفه فلما فرغ قال له الخصم: استحلفه ايّها القاضي برأس الامير. فقال بكّار: يا هذا قد حلف بالله اعظم من الامير. فقال:
بل استحلفه برأس الامير. فقال له بكّار: تحلف برأسه. قال: لا. فقال له بكّار:
يا عدوّ الله تحلف بالله خالق السموات والارض وتمتنع ان تحلف برأس مخلوق مثلك.
قال: فحظي ذلك الرجل بعد ذلك عند احمد بن طولون
قال ابن زولاق: كان لبكّار اتّساع في العلم والمناظرة ولما رأى مختصر المزنيّ وما فيه من الردّ على ابي حنيفة شرع هو في الردّ على الشافعيّ فقال لشاهدين من شهوده: اذهبا الى المزنيّ فقولا له: سمعت الشافعيّ يقول ما في هذا