للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وما لم يكن فيه من هذا واحد، كان لأهل العلم الاجتهاد فيه بطلب

الشبهة بأحد هذه الوجوه الثلاثة، فإذا اجتهد من له أن يجتهد، وسِعهُ أن يقول بما وجد الدلالة عليه، بأن يكون في معنى كتاب، أو سنة، أو إجماع، فإن ورد أمر مشتبه يحتمل حكمين مختلفين، فاجتهد فخالف اجتهاده اجتهاد غيره، وَسِعَه أن يقول بشيء، وغيره بخلافه، وهذا قليل إذا نظر فيه.

قال (أي: المحاور) فما حجتك فيما قلت؟

قلتُ له: الاستدلال بالكتاب، والسنة، والإجماع.

قال: فاذكر - الفرق بين حكم الاختلاف.

من الكتاب: قلت له: قال الله عزَّ وجلَّ: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ) الآية، فإنما رأيت اللَّه ذم الاختلاف في الموضع الذي أقام عليهم الحجة، ولم يأذن لهم فيه.

قال (أي: المحاور) : فأين السنة التي دلت على سعة الاختلاف؟

قلت: أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن عبد اللَّه بن الهاد، عن محمد

ابن إبراهيم، عن بسر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العا ع، عن

عمرو بن العاص لؤحه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد، فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر" الحديث.

أما الإجماع: قلت: ما وصفنا من أن الحكام والمفتين إلى اليوم، قد اختلفوا

في بعض ما حكموا فيه وأفتوا، وهم لا يحكمون ويفتون إلا بما يسعهم

<<  <  ج: ص:  >  >>