قال الشَّافِعِي رحمه الله: فإن قال قائل: كيف أخذت بحديث خوات بن
جبير، دون حديث ابن عمر رضي اللَّه عنهما؟
قيل: لمعنيين.
أحدهما: موافقة القرآن.
وثانيهما: وأن معقولاً فيه: أنَّه عدل بين الطائفتين، وأحرى ألَّا يصيب
المشركين غرَّة من المسلمين.
فإن قال قائل: فأين موافقة القرآن؟
قلت: قال الله: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) إلى (وَأَسْلِحَتَهُمْ) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وحديث خوات بن جبير كما وصفنا أقوى من
المكيدة، وأحصن لكل المسلمين من الحديث الذي يخالفه، فبهذه الدلائل قلنا
بحديث خوات بن جبير.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقد رُوي حديث لا يُثبت أهل العلم بالحديث
مثله، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى (بذي قَرَدٍ) بطائفة ركعة، ثم سلموا، وبطائفة ركعة ثم سلموا، فكانت للإمام ركعتان، وعلى كلّ واحدة ركعة، وإنما تركناه؛ لأن جميع الأحاديث في صلاة الخوف مجتمعة على أن على المأمومين من عدد الصلاة مثل ما على الإمام، وكذلك أصل الفرض في الصلاة على الناس واحد في العدد؛ ولأنه لا يثبت عندنا مثله لشيء في بعض إسناده.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ورُوي في صلاة الخوف أحاديث، لا تضاد حديث
خوات بن جبير؛ وذلك أن جابراً روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى (ببطن نخل) صلاة الخوف بطائفة ركعتين ثم سلم، ثم جاءت الطائفة الأخرى فصلّى بهم ركعتين، ثم سلم، وهاتان الطائفتان محروستان، فإن صلّى الإمام هكذا أجزأ عنه.