قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه - عز وجل - (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا) الآية.
فلم يذكر اليد والرجل إلا في المحارب، فلو قال
قائل: يَعْتَلُّ بعِلَّتِكم أقطع يده ولا أزيد عليها؛ لأنَّه إذا قطعت يده ورجله ذهب بطشه ومشيه، وكان مستهلكاً، أتكون الحجة عليه إلا ما مضى من السنة والأثر.
وإن اليد والرجل هي مواضع الحد، وإن تلفت.
الأم (أيضاً) : المدَّعي والمدَّعَى عليه:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال لي - أي: المحاور -: أراك تنكر عليَّ قولي في
اليمين مع الشاهد، هي خلاف القرآن، قلت: نعم، ليست بخلافه، القرآن عربي، فيكون عام الظاهر، وهو يراد به الخاص.
قال: ذلك مِثلَ ماذا؟
قلت: مثل قول
الله - عز وجل -: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) الآية.
فلما كان اسم السرقة يلزم سُرَّاقاً لا يُقطعون، مثل مَن سرق من غير حرزٍ، ومن سرق أقل من ربع دينارٍ، كانت في هذا دلالة على أنَّه أريد به بعض السُّراق دون بعض، وليس هذا خلافاً لكتاب اللَّه - عز وجل -، فكذلك كل كلام احتمل معاني فوجدنا سُنَّة تدلُّ على أحد معانيه دون غيره من معانيه، استدللنا بها، وكل سنَّةٍ موافقة للقرآن لا مخالفة، وقولك خلاف القرآن فيما جاءت فيه سنة، تدل على أن القرآن على خاصٍّ دون عامٍّ جَهلٌ.