للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن حكمت، وقد روى بعض أصحابك عن سفيان الثوري، عن سماك بن

حرب، عن قابوس بن مُخارق، أن محمد بن أبي بكر كتب إليه علي بن أبي

طالب - رضي الله عنه - في مسلم زنى بذمية، أن يحدَّ السلم، وتدفع الذمية إلى أهل دينها.

قال الشَّافِعِي رحمه الله: فإذا كان هذا ثابتاً عندك، فهو يدلك على أن الإمام

مخير في أن يحكم بينهم، أويترك الحكم عليهم.

قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال منهم قائل: وكيف لا تحكم بينهم إذا

جاؤوك مجتمعين أو متفرقين؟

قلت: أما متفرقين فإن اللَّه - عز وجل - يقول:

(فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) الآية.

فدلَّ قولُ اللَّه تبارك وتعالى: (فَإِنْ جَاءُوكَ) على أنهم مجتمعون، ليس إن جاءك بعضهم دون بعض، ودلَّ على أن له الخيار إذا جاؤوه في الحكم أو الإعراض عنهم، وعلى أنه إن حكم، فإنما يحكم بينهم حكمه بين المسلمين.

قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولم أسمع أحداً من أهل العلم ببلدنا، يخالف في أن

اليهوديينِ اللذين رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الزنا، كانا موادَعين لا ذميين.

قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال لي بعض من يقول القول الذي أحكي خلافه.

أنه ليس للإمام أن يحكم على موادعين، وإن رضيا حُكمَه، وهذا خلاف السنة.

ونحن نقول إذا رضيا حكم الإمام، فاختار الإمام الحكم، حكم عليهما.

الأم (أيضاً) : الحكم بين أهل الكتاب.:

قال الشَّافِعِي رحمه الله: فقال لي قائل: ما الحجة في أن لا يحكم بينهم الحاكم

حتى يجتمعوا على الرضا؛ ثم يكون بالخيار، إن شاء حكم، وإن شاء لم يحكم؛

<<  <  ج: ص:  >  >>