حديثاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذا المعنى، ثم لم نعلم أهل العلم في البلدان اختلفوا في
أن الوصية للوالدين منسوخة بآي المواريث.
الثاني: واحتمل إذا كانت منسوخة أن تكون الوصية للوالدين ساقطة، حتى
لو أوصى لهما لم تجز الوصية، وبهذا نقول، وما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما نعلم أهل العلم اختلفوا فيه يدل على هذا، وإن كان يحتمل أن يكون وجوبها منسوخاً، وإذا
أوصى لهم جاز، وإذا أوصى للوالدين فأجاز الورثة فليس بالوصية أخذوا، وإنما أخذوا بإعطاء الورثة لهم ما لهم، لأنا قد أبطلنا حكم الوصية لهم فكان نص المنسوخ في وصية الوالدين، وسُمِّي معهم الأقربين جملة، فلما كان الوالدان وارثين، فسنا عليهم كل وارث، وكذلك الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان الأقربون
ورثة، وغير ورثة، أبطلنا الوصية للورثة من الأقربين بالنص والقياس والخبر: " لا وصية لوارث " وأجزنا الوصية للأقربين، ولغير الورثة من كان.
فالأصل في الوصايا لمن أوصى في كتاب اللَّه - عز وجل -.
وما روي عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وما لم أعلم من مضى من أهل العلم اختلفوا فيه، في أن يُنظر إلى الوصايا:
١ - فإذا كانت لمن يرث الميت أبطلتها.
٢ - وإن كانت لمن لا يرثه أجزتها على الوجه الذي تجوز به، وموجود
عندي - واللَّه أعلم - فيما وصفت من الكتاب، وما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وحيث إن ما لم نعلم من مضى من أهل العلم اختلفوا فيه، أنه إنما يمنع الورثة
الوصايا لئلا يأخذوا مال الميت من وجهتين، وذلك أن ما ترك المُتَوَفى يؤخذ
بميراث أو وصية، فلما كان حكمهما مختلفين، لم يجز أن يجمع لواحد الحكمان المختلفان في حكم واحد، وحال واحدة، كما لا يجوز أن يُعطى بالشيء وضد الشيء، ولم يحتمل معنى غيره بحال.