وقال الشَّافِعِي رحمه الله: وروى بعض الشاميين حديثاً ليس مما يثبته أهل
الحديث فيه: إن بعض رجاله مجهولون، فرويناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منقطعاً.
وإنما قبلناه بمن وصفت من نقل أهل المغازي، وإجماع العامة عليه، وإن كنا
قد ذكرنا الحديث فيه، واعتمدنا على حديث أهل المغازي عامًّا، وإجماع الناس.
أخبرنا سفيان - يعني ابن عيينة -، عن سليمان الأحول، عن مجاهد أن
رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا وصية لوارث" الحديث.
فاستدللنا بما وصفتُ، من نقل عامة أهل المغازي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن " لا وصية لوارث" الحديث.
على أن المواريث ناسخة للوصية (للوالدين والزوجة) مع الخبر المنقطع عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإجماع العامة على القول به.
وكذلك قال أكثر العامة: إن الوصية للأقربين منسوخة زائل فرضها، إذا
كانوا وارثين بالميراث، وإن كانوا غير وارثين فليس بفرض أن يُوصي لهم.
إلا أن طاووساً وقليلاً معه قالوا: نسخت الوصية للوالدين، وثبتت للقرابة
غير الوارثين، فمن أوصى لغير قرابة لم يجز.
فلما احتملت الآية ما ذهب إليه طاووس من أن الوصية للقرابة ثابتة، إذ
لم يكن في خبر أهل العلم بالمغازي إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا وصيهْ لوارث "
وجب عندنا على أهل العلم، طلب الدلالة على خلاف ما قال طاووس أو
موافقته.
فوجدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حكم في ستة مملوكين، كانوا لرجل لا مال له غيرهم، فأعتقهم عند الموت، فجزأهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أجزاء، فأعتق اثنين وأرقَّ أربعة.