للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشَّافِعِي - رحمه الله -: وأما في ظاهر القرآن فإن الله - عزَّ وجلَّ يقول: (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا) الآية.

قلت: أفبالقذف قال الله عزَّ وجلَّ: (وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا) الآية.

أم بالجلد؟

قال: بالجلد عندي.

قلت: وكيف كان ذلك عندك والجلد إنما وجب بالقذف؟ ..

وقلت له: إذ قال اللَّه - عز وجل -: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا) الآية.

فكيف جاز لك أو لأحد أن تكلف من العلم شيئاً أن يقول: لا أقبل شهادة القاذف وإن تاب؟!

الأم (أيضاً) : باب (الخلاف في إجازة شهادة القاذف) :

قال الشَّافِعِي رحمه الله: فخالفنا بعض الناس في القاذف، فقال: إذا ضرب

الحد ثم تاب لم تجز شهادته أبداً، وإن لم يضرب الحد، أو ضربه ولم يوفه جازت شهادته، فذكرت له ما ذكرت من معنى القرآن والآثار، فقال: فإنا ذهبنا إلى قول الله - عزَّ وجلَّ: (وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا)

فقلنا: نطرح عنهم اسم الفسق ولا نقبل لهم شهادة.

فقلت: لقائل هذا أو تجد الأحكام عندك فيما يستثنى على ما وصفت فيكون مذهباً ذهبتم في اللفظ، أم الأحكام عندك في الاستثناء على غير ما وصفت؟!

فقال: أوضِح هذا لي.

قلت: أرأيت رجلاً لو قال: والله لا أكلمك أبداً.

ولا أدخل لك بيتاً، ولا آكل لك طعاماً، ولا أخرج معك سفراً، وإنك لغير حميد عندي، ولا أكسوك ثوباً - إن شاء الله تعالى - أيكون الاستثناء واقعاً على ما بعد قوله: (أَبَداً) ، أو على ما بعد غير حميد عندي، أو على الكلام كله؟

<<  <  ج: ص:  >  >>