للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقول زينب: فطلقني.

فلما انقضت عدتي لم أعلم إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل عليّ، وأنا مكشوفة الشعر، فقلت: إنه أمر من السماء يا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا خطبة ولا شهادة.

فقال صلى الله عليه وسلم: " الله هو المزوج وجبريل هو الشاهد" ١.

وقد بين القرآن الكريم قصة زواج زينب فقال تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} ٢.

والمراد بالذي أنعم الله عليه، وأنعمت عليه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم "زيد بن حارثة" رضي الله عنه، الذي زوجه النبي صلى الله عليه وسلم من زينب، وكانت لذلك رافضة لما كانت تتمتع به من حسب، وجمال، ودين إلا أنها أطاعت رسول الله، وتزوجته.

وتمضي الأيام، ويفكر زيد في طلاق زينب لما رآه من استعلائها، ويأتي لرسول الله يستأذنه في ذلك، فينهاه لعلمه بأمر الله تعالى في هذا الشأن, إلا أن زيدًا طلق زينب، وأمر الله تعالى رسوله بالزواج من زينب.

والحكمة واضحة في الآية {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} .

ذلك أن العرب كانوا يعدون الابن بالتبني مثل الابن الأصلي، في تحريم زوجته إذا دخل بها على والده، ولذلك زوج الله نبيه بزينب، قطعًا لهذه العادة التي لا سند لها في شرع الله تعالى.

وقد قطع النبي صلى الله عليه وسلم بزواجه من زينب عادة جاهلية أخرى، وهي استعلاء السادة عن الزواج بزوجات مواليهم كبرًا وفسادًا.


١ بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد ج٩ ص٣٩٦.
٢ سورة الأحزاب: ٣٧.

<<  <   >  >>