للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول أبو لبابة: فلم أزل كذلك حتى ما أسمع الصوت من الجهد ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليّ.

ومكث أبو لبابة مرتبطًا ست ليال تأتيه امرأته مرة، وابنته مرة أخرى، فتحله حتى يتوضأ، ويصلي ثم يرتبط.

واستمر الحال على ذلك حتى نزل قوله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ١.

قال ابن إسحاق: حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط: إن توبة أبي لبابة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر، وهو في بيت أم سلمة، قالت أم سلمة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر وهو يضحك.

فقلت: يا رسول الله مما تضحك أضحك الله سنك.

قال صلى الله عليه وسلم: "تيب على أبي لبابة".

قلت: أفلا أبشره يا رسول الله؟

قال صلى الله عليه وسلم: "بلى إن شئت".

فقامت على باب حجرتها، وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب فقالت: يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك.

فسار الناس إليه ليطلقوه فقال: لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده، فلما مر صلى الله عليه وسلم خارجًا إلى صلاة الصبح أطلقه٢.

ثم نزلت بنو قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بأسراهم فكتفوا رباطًا وجعل على كتافهم محمد بن مسلمة، ونحوا ناحية، وأخرج النساء والذرية من الحصون فكانوا ناحية، واستعمل عليهم عبد الله بن سلام وجمعت أمتعتهم وما وجد في حصونهم من الحلقة والأثاث فوجد فيها ألف وخمسمائة سيف، وثلاثمائة دارع، وألفا رمح، وألف وخمسمائة ترس وحجفة، وأثاث كبير، وآنية كثيرة، وخمر وجرار سكر فهريق ذلك كله، ولم يخمس ووجد من الجمال النواضح عدة، ومن الماشية شيء كثير


١ سورة التوبة: ١٠٢.
٢ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ج٢ ص٢٣٧، ٢٣٨.

<<  <   >  >>