للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه أمام خيمة أم معبد وسألاها: "هل عندك شيء".

فقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى، والشاة عازب، والسنة سنة شهباء.

فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة، فقال: "ما هذه الشاة يا أم معبد "؟.

قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم.

فقال صلى الله عليه وسلم: "هل بها من لبن"؟.

قالت: هي أجهد من ذلك.

فقال صلى الله عليه وسلم: "أتأذنين لي أن أحلبها"؟.

قالت: نعم بأبي وأمي، إن رأيت بها حلبًا فاحلبها.

فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ضرعها، وسمى الله ودعا، فتفاجت عليه ودرت، فدعا بإناء لها يربض الرهط، فحلب فيه حتى علته الرغوة، فسقاها، فشربت حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب، وحلب فيه ثانيًا حتى ملأ الإناء، ثم ارتحلوا.

فما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزًا عجافًا يتساوكن هزالا، فلما رأى اللبن عجب فقال: من أين لك هذا؟ والشاء عازب ولا حلوبة في البيت؟

فقالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت، ومن حاله كذا وكذا.

قال لها: إني والله أراه صاحب قريش الذي تطلبه، صفيه لي يا أم معبد، فوصفته بصفته الرائعة, بكلام دقيق كأن السامع ينظر إليه، وهو أمامه.

فقال أبو معبد: والله هذا صاحب قريش الذي ذكروا من أمره ما ذكروا، لقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا١.

٣- إسلام أبي بريدة:

في أثناء رحلة الهجرة، وفي الطريق على مقربة من المدينة المنورة لقي الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بريدة ونفرًا من قومه؛ جاءوا يطلبون النبي وأبا بكر ليفوزوا بالمكافأة التي رصدتها


١ زاد المعاد في هدي خير العباد ج٣ ص٥٥-٧٥ مؤسسة الرسالة سنة ١٩٧٩.

<<  <   >  >>