للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن البناء الدقيق لأمة الإسلام استغرق من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتًا طويلا، وجهدًا شاقًا, ولكنه صلى الله عليه وسلم أتمه على أحسن حال, وقد تعرض صلى الله عليه وسلم خلال مرحلة البناء لمحاولة القتل، وحوصرت المدينة، وهاجمه سفهاء القبائل، واستعان صلى الله عليه وسلم بالصبر والتحمل والجهاد حتى أتم ما عمل له، ولم ينتقل إلى ربه سبحانه وتعالى إلا وقد تكونت الأمة الفتية، وانتشر الإسلام في الجزيرة العربية كلها، وتحققت حرية الدعاة، وأصبحت دعوة الإسلام محل تقدير واحترام، تسمع وتناقش، وتعيش واقع الحياة، وتتعامل مع الجميع في حسن وأمان.

وحين نرى حال المسلمين اليوم، وننظر في أمر الدعوة نلمس ضرورة وجود الأمة المؤمنة لمساندة الدعاة وتدعيم حركتهم بالعمل والسلوك.

إن الناس في العالم المعاصر ينظرون إلى المسلمين ويتأملون أحوالهم، ويتصورون أنهم صناعة الإسلام ونتائجه بمجرد تسميتهم بالمسلمين! وليس الأمر كذلك لأن المسلمين من فترة طويلة لا يعيشون الإسلام حقيقة، ولا يطبقون تعاليم الله على الوجه الصحيح.

وحين نبحث عن أهم الركائز المستفادة في سيرة رسول الله في المدينة فإني أرى أن أهم الركائز هو وجود الأمة المسلمة التي تحرك الدعاة، وتوجه حركتهم إلى الناس.

إن الأمم اليوم تتعامل فيما بينها بواسطة السفراء والمبعوثين الذين يمثلون الدول والحكومات ولذلك صار لهم دور، وعاشوا آمنين لأن من ورائهم دولهم.

إن الدنيا تتحرك كلها إذا أسيء لفرد من دولة أوروبية أو غيرها لأن من ورائها دولته, ويا حبذا لو تمتع الدعاة برعاية دولهم، ويا حبذا لو كانت الدول إسلامية قلبًا وقالبًا على قلب رجل واحد لتكون الأمة المرجوة، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر في صدق وشفافية.

إن العالم المعاصر يقر للدول العظمى بحقها في توجيه الدول الصغيرة، وتغيير مساراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفق رؤيتها. بدعوى تحقيق تقدم ضاري وإنساني لهذه الدول، برغم ما في كل هذا من رغبة الاستعلاء والسيطرة والاستغلال.

<<  <   >  >>