معجزة لنبيّنا صلى الله عليه وسلم، لأنّ حقيقة المعجزة ما دلّ على صدق الرّسول، وكلّ من المرسلين قد بشّر به، فمعجزاتهم الدّالّة على صدقهم، معجزات دالّة على صدقه، وبراهين شاهدة بصحّة نبوّته.
وأمّا نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم فأعظم معجزاته: القرآن، وهو معجزة مستمرّة على مرّ الأزمان، لا تبيد ولا تنقطع، ولا تذهب ولا تضمحلّ، بل هي ثابتة إلى الأبد، واضحة الحجّة لكلّ قرن، فلا يمرّ عصر، ولا يظهر قرن، إلّا وهم مستدلّون على الخصم بوجوه إعجازه، محتجّون عليه بما احتجّ من قبلهم على الخصم من قبله، قائلين: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [سورة البقرة ٢/ ٢٣] .
فائدة [: في الفرق بين المعجزة والكرامة والسّحر]
أجمع أهل السّنّة على أنّ كرامات الأولياء حقّ.
قال الشّيخ الرّبّانيّ محيي الدّين النّوويّ- رحمه الله تعالى- في «شرح صحيح مسلم» ، في الكلام على حديث جريج الرّاهب:
(فيه إثبات كرامات الأولياء، وأنّها تكون بجميع خوارق العادات، وأنّ كلّ ما جاز أن يكون معجزة للأنبياء، جاز أن يكون كرامة للأولياء، وأنّ كرامات الأولياء يجوز أن تقع باختيارهم وطلبهم وبغير اختيارهم، لأنّ جريجا توضّأ، وصلّى، ودعا الله تعالى، وقال للغلام: من أبوك؟ فقال: فلان الرّاعي)«١» . انتهى.
(١) شرح صحيح مسلم، للنّوويّ، ج ١٦/ ٨٨، بتصرّف من المؤلّف.